شدد وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري على أن “الإعلام يستطيع مواجهة مرض الطائفية الذي بات يهدد فكرة الوطن الحضاري والمتنوع في هذا الشرق، وعلى أن الإعلام اللبناني منارة حقيقية منبثقة من مجتمع حيوي، ولا يمكن أن يغرق في وحول الغرائز الطائفية والمذهبية القذرة”. وقال: “شعاري “يكفي البلد طائفية” صرخة أطلقتها من القلب لتجنيب لبنان ويلات الشر بعد أن خرجنا من حرب أهلية شرسة عبر اتفاق الطائف، بالإضافة إلى أن إطلاق الحوار الدائم مع الزملاء الصحافيين، يفتح نقاشا موضوعيا عن طرق تخفيف أجواء الاحتقان السياسي والطائفي في الخطابات”.
ورأى في الإطلالة الأولى له عبر الإعلام المصري من خلال صحيفة “أكتوبر”، أن “التخاذل والتخلف في هذا الظرف العصيب الذي يمر به لبنان، يرتقي إلى حد التقصير فى أداء الواجب تجاه وطننا الحبيب، لذلك أشعر بضرورة مواجهة التحديات وحل الصعاب وصولا إلى درب التعافي السياسي والاقتصادي وعودة لبنان إلى عصر الازدهار والانفتاح”.
وقال ردا على سؤال: “منذ اليوم الأول لتسملي مهامي في وزارة الإعلام، وضعت هدفا رئيسيا هو المحافظة على الإرث العظيم الذي تركه الإعلام اللبناني والبصمة الإبداعية وتأكيد الثوابت الأساسية بصون حرية التعبير وحماية الصحافة والصحافيين، والحمد لله تكللت هذه الجهود بالنجاح إلى حد ما، من خلال الانسجام والتعاون بين الوزارة ونقابتي الصحافة والمحررين والجسم الإعلامي”.
ولفت إلى أن “شغف اللبناني بالإعلام يأتي بالفطرة”. وقال: “وجدت نفسي أمام عملية ترتيب الإعلام وتنظيمه دون المس بالأسس البديهية لخاصية الحرية المسؤولة في أثناء أداء الرسالة الإعلامية، وبناء عليه، نحن في صدد مناقشة قانون عصري للاعلام في المجلس النيابي، وعقدت سلسلة اجتماعات لتنظيم قطاع المواقع الإلكترونية لا لفرض رقابة عليها، فنحن نسعى إلى تصويب الأداء ليتناسب مع الرسالة السامية. كذلك أسعى في هذا المجال إلى أن أعيد التألق للاعلام اللبناني على مساحة الوطن العربي والعالم، وأرغب بأن تتحول الأزمة العميقة إلى فرصة لكي يكرس إعلامنا صدارته المعهودة، فلبنان من دون إعلام يفقد مزاياه الحضارية، وهذا الأخير من دون حرية يفقد رسالته، لذا علينا التكامل في هذا المجال”.
وأشار إلى أن “شعوب العالم العربي تجمعه أواصر الحضارة الواحدة واللغة العربية الأصيلة، والرؤية الأساسية تكمن في تشبيك الطاقات بين شعوبنا ودولنا، فميزة كل دولة تشكل منطلقا لتكامل إعلامي حقيقي، وأنا من موقعي الوزاري أبدي كل التجاوب والحماس للتعاون مع كل الأشقاء العرب، وخصوصا أن الإعلام يشهد تطورا تقنيا مذهلا يجب مواكبته.
وردا على سؤال قال: “مصر “أم الدنيا”، هي الحاضنة لجميع الشعوب العربية ولها في القلب والوجدان كل المحبة والاحترام والتقدير. لا يمكن لمواطن لبناني إلا أن يشعر بدفء العلاقة مع مصر الأصيلة منذ مهد البشرية حتى اليوم، وانطلاقا من اختصاصي في الهندسة المعمارية، هي مصدر إلهام لهوية معمارية مبدعة للغاية. مصر ساحرة جدا وشعبها عظيم ويتمتع بقيم إنسانية نبيلة. وفي الإعلام، أنا مسرور للغاية من التعاون والتنسيق مع الجانب المصري فى شتى المجالات، وأرغب بتطوير أطر العمل وعقد اتفاقات مع مؤسسات الإعلام الرسمي وتبادل الخبرات بين بلدينا”.
ونوه “بالإنجازات العظيمة التي حققتها مصر أخيرا عبر تخطيط الرئيس عبدالفتاح السيسي ورؤيته الرائدة، مما يدفع لبنان نحو التأثر بها ومحاولة تجاوز الصعاب عبر رؤية مماثلة وتصميم وعزم وإرادة. وأنا أقول دائما إن الرئيس السيسي يحقق الإنجازات لأنه يحب بلده وهذا ما يثير الإعجاب، أما النهضة التي تشهدها مصر حاليا، فهي بارقة أمل للبنان واللبنانيين، ونتمنى تطوير العلاقات في شتى المجالات”.
وعن إمكان أي تعاون إعلامي مع مصر قال: “بالطبع، نحن على تنسيق دائم مع الجانب المصري من خلال سفارة بيروت، وأنوه بدور السفير الصديق الذي أضحى من أهل البيت. نعول كثيرا على التعاون مع مصر وخصوصا في تطوير الاتفاقات مع مؤسسات الإعلام المصري من وكالة أنباء وتلفزيون وإذاعة، فالنهضة الإعلامية المشتركة تحقق غايات كثيرة وتنعكس على جوانب اقتصادية وثقافية واجتماعية”.
وبالنسبة إلى دور الإعلام في تغيير المجتمع قال: “هذا أمر أساسي وضروري، فدور الإعلام بث الوعي في المجتمع وتقدمه نحو الأفضل، وعملية التطوير والتغيير ينبغي أن تكون نابعة من صلب المجتمع، ودون ذلك لا يمكن الارتقاء بلبنان وعودته إلى الصورة الذهبية المحفورة في مخيلة كل من شهد نهضته وتميزه. من جهة أخرى، نعول على الإعلام لإطلاق حوار وطني شامل وخصوصا بعد أن عصفت بلبنان أزمة شديدة لا نزال نحصد تداعياتها وانعكاساتها”.
وردا على سؤال عن تبنيه إضراب موظفي الإعلام أجاب: “أين الغرابة؟ معاناتهم جزء من معاناتي. أنا أستاذ جامعي فى الجامعة اللبنانية وجميعنا فى مركب واحدة، والقضية ليست مطالبهم المحقة بقدر ما هي الشعور بالمسؤولية المشتركة. يستحق موظفو وزارة الإعلام واقعا وظيفيا أفضل، وأنوه بجهودهم وبالتضحيات التي بذلوها دفاعا عن مؤسسات الإعلام الرسمي من وكالة وطنية وإذاعة وتلفزيون. فهم يعملون في ظروف قاسية جدا لكي تبقى الوكالة الوطنية للاعلام المصدر الأول للخبر الموضوعي والصحيح، ولكي تستمر إذاعة لبنان بأداء رسالتها الإعلامية، وكذلك تلفزيون لبنان الذي كان أول المنطلقين في العالم العربي. من هنا ليس بغريب إطلاقا أن أبادر من باب المسؤولية وتحسس المعاناة إلى تبني المطالب، بل سأتابعها مع الجهات المعنية بهدف تحصيلها”.
وعن واقع الصحافة في لبنان قال: “الوضع مأساوي لكن لا ينبغي الاستسلام، وخلال جولاتي على المؤسسات الإعلامية والمحطات التلفزيونية، لمست إصرارا على مواكبة التقنيات الحديثة وهذا ما يعطي بارقة أمل. عقدنا التصميم على تقديم رؤية إعلامية شاملة، لأن صحافة لبنان لا يمكن إلا أن تكون حرة، فحرية التعبير مصانة وسبق واتخذتها شعارا منذ اليوم الأول في وزارة الإعلام، وعندي ملء الثقة بأن لبنان سيتجاوز الظروف الصعبة وينهض من جديد، وللاعلام دور أساسي في عملية التعافي والنهضة المنتظرة”.
وختم المكاري: “رقمنة أرشيف تلفزيون لبنان ووزارة الإعلام من أبرز المشاريع التي راودتني فور تعييني وزيرا للاعلام. أرشيف تلفزيون يعني الذاكرة التي ينبغي حفظها، والصورة الزاهية التي لطالما سحرت العرب كانت الدافع الأساسي وراء الجهود الحثيثة من أجل الرقمنة الشاملة. المشروع الذي يمتد سنتين يشرف عليه المعهد الوطني الفرنسي السمعي والبصري INA، ويهدف إلى حفظ الإذاعة اللبنانية والتلفزيون والدراسات والمنشورات والوزارة ورقمنتها وأرشفتها”.