كتبت سلوى بعلبكي في “النهار”:
يؤكد رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان أن لجنة المال والموازنة “أنجزت دراسة 90% من موازنة 2021 منذ شهر نيسان 2022، وكان ينقصنا فقط موضوع توحيد سعر الصرف أو على الأقل ردم الهوة بين 1500 ليرة للدولار و20 ألف ليرة والذي بات اليوم موضوع تقاذف بين اعضاء الحكومة بسبب عدم الحسم والتهرب من المسؤولية. فقد ارسلوا الموازنة الى المجلس النيابي من دون أن يجيبوا عن هذه المسائل البنيوية، والاغرب انهم عكسوا على ارقام الموازنة دولارا جمركيا وضريبيا على سعر 20 ألف ليرة من دون يكون هناك أساس إقتصادي، قانوني أو إداري لذلك. هذا الامر اكتشفناه من خلال رقابتنا على الأرقام المعتمدة في الموازنة، في وقت لم يصدر اي قرار رسمي في سعر الدولار الجمركي حتى الآن. كما انهم احتسبوا الدولار الضريبي ورسوم المعاملات التي يدفعها المواطن العادي (معاملات بيع، معاملات انتقال، وكالات الخ…) على سعر صرف 20 ألف ليرة وبزيادة تخطت الـ 300% في بعض الأحيان”.
أمام هذا الواقع، يرى كنعان أن “ارقام إيرادات الموازنة وهمية، على اعتبار أن ليس هناك سعر صرف بـ 20 ألف ليرة، ونحن مقتنعون بأنه لا يمكن زيادة رسوم وضرائب على المواطنين في هذه المرحلة الانتقالية في ظل اقتصاد مشلول بنسبة 90% وبغياب الانتاج وانعدام الايرادات، إذ قدّروا ارقام النفقات بنحو 47 ألفا و329 مليار ليرة، أما ارقام الايرادات فقُدرت بنحو 39 ألفا و109 مليارات ليرة، فيما تم تقدير العجز بنحو 8 آلاف و220 مليار ليرة، اي بنسبة 17.4%. ولكن في الواقع، لن يحققوا أكثر من 27 ألف مليار ليرة ايرادات. وتاليا سيرتفع العجز الى 44%. فهل يجوز إقرار موازنة على هذا النحو، أم هناك ضرورة لمواجهة الواقع وإعادة النظر بهذه الأرقام من نفقات وايرادات باعتبار اننا أمام موازنة انتقالية؟”.
يصر كنعان على أن “ثمة تهرباً حكومياً من المسؤولية بمسائل اساسية تتعلق بتوازن الايرادات والنفقات، خصوصا أنه لا يمكن تغطية العجز الذي يتوقع ان يصل الى 20 ألف مليار ليرة في ظل عدم القدرة على الاستدانة من مصرف لبنان أو من المؤسسات الدولية”. ويسأل: “هل الارقام في الموازنة دفترية فقط؟ ومن اين سيأتون بالاموال؟ هل سيتم اللجوء الى الطباعة، بما يعني زيادة التضخم، علما أن مصرف لبنان توقف عن تسليف الدولة؟”.
ويضيف: “حتى لو سلمنا جدلا بأن الزيادات أصبحت أمرا واقعا وتم اقرار الموازنة، فإن الارقام الواردة فيها لا يمكن ان تتحقق، لأنه لا يمكن التعويل على قدرة الناس على دفع هذه النسب من الرسوم والضرائب في وضعنا الحالي. لذلك طلبنا من نيسان 2022، ان يرفدونا بأرقام واقعية انطلاقا من سعر واقعي للدولار الضريبي والجمركي الذي سيُعتمد، خصوصا أنه قانونيا لم يصدر اي قرار بتغيير سعر الصرف. كذلك طلبنا أن يكون هناك توحيد للمعايير حيال نفقات الادارات والمؤسسات العامة أو على الاقل تفسيرها، كما طالبنا اكثر من مرة بضرورة شرح الاثر المالي على المواطن والموازنة في حال أي رفع للدولار الضريبي والجمركي… ولكن حتى الآن لم نحصل على جواب”.
أمهلت لجنة المال والموازنة وزارة المال المهلة تلو المهلة منذ نيسان الماضي، وكان آخرها الاسبوع المنصرم، على قول كنعان، مشيراً الى “أننا أمهلنا الوزارة حتى يوم الخميس المقبل لمراجعة الارقام، ولكن المشكلة انهم في الحكومة لا يريدون تحمّل المسؤولية، وكل يريد تحميل تبعات القرارات للآخر… هم في حالة ارباك وحالة ضغط من صندوق النقد الذي لا يصارحونه بما هو مناسب وممكن في المرحلة الحالية للبنان إن كان على صعيد الموازنة او غيرها، إذ لا يمكن اسقاط القرارات بين يوم وليلة فيما يجب ان تكون الامور تدريجية وخصوصا حيال تحديد سعر الدولار الجمركي الذي سيرتفع 13 ضعفاً اذا ما ذهبنا الى 20 ألف ليرة دفعة واحدة. كما يجب تفعيل اجهزة الرقابة لضبط فلتان الاسعار، إذ قبل أن يصدر قرار رسمي برفع سعر الدولار الجمركي ارتفعت اسعار المواد الاستهلاكية بشكل هستيري”. وهنا يسأل كنعان عن لائحة السلع المشمولة بالدولار الجمركي، وتلك التي استثني منها رفع الدولار الجمركي؟ كما يجدر السؤال عن الحملة الاعلانية لتوعية الناس والمؤسسات والتجار؟
وفي ظل التسريبات التي تتحدث عن صرف نظر الحكومة عن زيادة الدولار الجمركي، يؤكد كنعان “أنهم اذا صرفوا النظر عن القرار فإن على وزارة المال محو الـ 13 ضعفاً التي تمت زيادتها على الايرادات”، مقترحاً ان يصار الى وضع سعر دولار ضريبي وجمركي يتناسب مع سعر الصرف المعتمد للمودعين في المصارف ومن ثم زيادته تدريجا في العام 2023.
وجدد التأكيد أن لا تأخير من لجنة المال والموازنة، مشيرا الى مسألة لا تقل أهمية تتعلق بموضوع صندوق التعافي الذي طرحه رئيس الحكومة في لجنة المال “والذي وعدنا به من ضمن الخطة المعدلة كما أبلغنا في حينه لنتمكن من الاطلاع عليه، ولكننا لم نحصل عليه منذ شهرين”