
عقدت الهيئات الإقتصادية برئاسة الوزير السابق محمد شقير مؤتمراً صحافياً اليوم في مقر غرفة بيروت وجبل لبنان، خصص للإعلان عنن خطة الهيئات للتعافي الإقتصادي والمالي.
وتحدث في المؤتمر الصحافي إضافة الى شقير كل من رئيس المجلس الوطني للإقتصاديين اللبنانيين صلاح عسيران، نائب رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان نبيل فهد، وعضو مجلس إدارة جمعية الصناعيين بول أبي نصر.
شقير
بداية تحدث شقير، فقال “صحيح أن البلد يمر في ظروف مأساوية، لكن حتى الآن الدولة ليست مفلسة. فلبنان ليست أول دولة في العالم يحصل فيها إنهيار إقتصادي، لكن بالتأكيد الدولة الوحيدة التي لم تتخذ خلال ثلاث سنوات من عمر الأزمة خطوات وإجراءات ثابتة وفعلية لمواجهتها والخروج منها”.
أضاف شقير “أمام هذا الواقع المرير، وإستمرار الخلافات الحادة بين أهل السلطة على أي مشروع يتم تقديمه، كان من واجب الهيئات الإقتصادية الممثل الشرعي للقطاع الخاص اللبناني والمؤتمنة على الإقتصاد الوطني وعلى المصلحة الوطنية، كان من واجبها أخذ زمام المبادرة، بوضع خطة تعافي مالي وإقتصادي متوازنة وعادلة وموثوقة، وهي كلفت لهذه الغاية فريق عمل مؤلف من 13 شخصاً يمثلون قطاعات أساسية وخبراء إقتصاديين وماليين وقانونيين”. وتابع “لقد تمكنا بعد حوالي الشهرين من العمل المتواصل والتصميم والإرادة الصلبة، على إنجاز خطة تعافي متوازنة تنطلق من هدف أساسي وهو إنماء الإقتصاد.
وأوضح شقير ان الخطة تستند الى كل المعلومات والمرتكزات المالية والإقتصادية والإجتماعية الحقيقية والواقعية، وتستجيب لمتطلبات صندوق النقد الدولي ومختلف المعايير المحاسبية والشفافية والحوكمة، وكذلك للحفاظ على حقوق المودعين وإيجاد حل لتَخَلُّف الدولة عن الإيفاء بديونها الذي يرتكز على تسلسل المسؤوليات، الدولة، مصرف لبنان، المصارف”.
وشدد شقير على أن الهَمّ الأساسي الذي كان يطغى على الهيئات الإقتصادية والذي عكسته بقوة في هذه الخطة، هو تحقيق العدالة الإجتماعية بإعطاء الأولوية لصغار المودعين وتوفير الحماية الإجتماعية للبنانيين من دون إغفال حقوق جميع المودعين.
وقال “مما لا شك فيه، أنه على الرغم من مسؤولية جميع الأفرقاء بتحمل الخسائر المالية الحاصلة، فإن الخطة لحظت بشكل واضح تحمل المصارف ما يتوجب عليها في هذا الإطار. لكنها حرصت في الوقت نفسه، على ضرورة الحفاظ على القطاع المصرفي وعدم دفعه للإفلاس، لأن تحقيق أي نهوض إقتصادي يعتمد بشكل أساسي على سلامة القطاع المصرفي عبر توفير التمويل وتشجيع الإستثمار، لأن إفلاس القطاع المصرفي سيكون بالتأكيد مقدمة لهلاك أموال المودعين”.
واكد شقير إن “جُلَّ ما تريده الهيئات الإقتصادية وتعمل من أجله في خطة التعافي، هو النهوض بالإقتصاد الوطني لإنهاض لبنان. وهنا، الطريق معروف، وهو: الإتفاق مع صندوق النقد الدولي، إقرار القوانين الإصلاحية، العودة الى الأسواق المالية العالمية، إصلاح القطاع العام وإعادة هيكلته وتحفيزه، تنفيذ مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، تحفيز الإستثمار، إستدامة الدين العام.
بالتوازي تصر الهيئات الإقتصادية عبر الخطة على ضرورة وضع شبكة أمان إجتماعي فعالة ومجدية لتقليص أثر هذه الإصلاحات على الفئات الضعيفة. لأنه حقيقةً، هذا الطريق شاق وصعب ومؤلم، لكن النتائج على المدى الطويل ستكون مجدية للجميع.
وبالنسبة للودائع أوضح شقير إن “الودائع تبقى هدفاً أساسياً في خطة التعافي، ومن خلال المقاربات العلمية والمحاسبية التي إرتكزت عليها والآليات التي إعتمدتها يمكن أن يصل معدل إسترداد الودائع الى 74% على مدى سنوات خطة التعافي، حيث سيتم إعادة الودائع حتى 100 ألف دولار كاملة لكل مودع. أـما بالنسبة لكبار المودعين، تلحظ الخطة برنامجاً طموحاً لإعادة الودائع لهذه الفئة، عبر العائدات الناتجة عن إدارة أصول الدولة من قبل شركات متخصصة ومتميزة، مع المحافظة على هذه الأصول”.
وختم كلمته بشكر فريق العمل لكل من شارك في إعداد هذه الخطة وهم: نقولا شماس، نبيل فهد، صلاح عسيران، يحيى قصعة، مارون شماس، نيكولا بوخاطر، بول أبي نصر، روجيه داغر، نصري دياب، سعد عنداري، رمزي الحافظ، روجيه ملكي.
عسيران
وتحدث عسيران فعرض أهداف خطة التعافي والمتطلبات الواجب تنفيذها، فقال:
يعاني لبنان كما وصفه البنك الدولي من إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية في التاريخ الحديث: “الكساد المتعمد. كما هو الحال حاليًا ، لا يمكن للاقتصاد التعافـي قبل معالجة انهيار القطاع المالي على كل المستويات. ويجب أن تعمل المؤسسات المالية بشكل يتيح تمويل النمو المستقبلي، والذي بدونه لا يمكن معالجة أي من الاختلالات النظامية. ويجب أن تصبح ديون الدولة “مستدامة”، وأن تُخفف من أعباء ميزانية المصرف المركزي بما أنها تمنعه حاليًا من أداء دوره النقدي والتنظيمي”.
وواكد عسيران الهيئات الاقتصادية اللبنانية، تعتبر ان الركن الأساسي لأي خطة ناجحة، هي القادرة على الوصول إلى الأهداف المذكورة أعلاه مع ضمان أقصى قدر من المشاركة من جميع الجهات المعنية.
وقال عسيران “يجب أن تكون الخطة جريئة لكنها قابلة للتحقيق، وكذلك حاسمة وعادلة، والأهم من ذلك أنها متجذرة في استراتيجية اقتصادية أكبر من شأنها أن تقود البلاد إلى التعافـي الاقتصادي المستدام”، مشيراً الى أنها تهدف إلى إعادة هيكلة الدين العام ومعالجة التزامات مصرف لبنان وإعادة هيكلة القطاع المصرفي وتحاول إعادة أكبر قدر من حقوق المودعين مع الحماية الكاملة للودائع الصغيرة.
أما عن المطلبات، تنفيذها كي يبدأ لبنان التعافـي عليه ان ينفذ الإجراءات التالية بالتزامن مع برنامج شامل مع صندوق النقد الدولي، فعدد عسيران الآتي:
العمل على وضع قانون ضوابط على التحويلات (Capital Control Law) ضمن المبادئ التوجيهية لصندوق النقد الدولي.
تعديل قانون السرية المصرفية بما يتماشى مع المعايير الدولية.
إعادة هيكلة القطاع المصرفي.
اقرار الموازنة لتغطية ما تبقى من العام 2022.
الوصول إلى توافق عادل (fair agreement) لإعادة هيكلة الديون الداخلية و/أو الخارجية مع جميع حاملي سندات اليوروبوند.
الحصول على تمويل جديد (fresh financing) من صندوق النقد الدولي ومؤسسات الإقراض الدولية المشابهة.
إعادة هيكلة المالية العامة في لبنان بما في ذلك تأمين فائض أولي على المدى المتوسط
(primary surplus in the medium term).
تحفيز الاستثمار، بما في ذلك الإنفاق على البنية التحتية الممول من سيدر (CEDRE).
وضع شبكة أمان اجتماعي فعالة ومجدية لتقليص أثر هذه الإصلاحات على الفئات الضعيفة.
إعادة هيكلة التزامات مصرف لبنان بطريقة عادلة ومستدامة لتحقيق الملاءة المالية الفورية.
تنفيذ إصلاحات الحوكمة العامة، والتي لبنان بحاجة ماسة لها، بما في ذلك تقليص حجم القطاع العام وتنفيذ مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
توحيد سعر الصرف.
معالجة العجز المزمن في ميزان المدفوعات.
فهد
أما فهد فقال: سأتحدث عن المبادئ التوجيهية الأساسية التي بُنيت الخطة على أساسها، متحدثاً في هذا الإطار عن النمو الإقتصادي، مشيراً الى أننا وضعنا الهدف الأول والأساسي هو حماية الإقتصاد وإعادة إطلاق النمو الإقتصادي، وأي إجراء لا يتعارض النمو تم تجنبه في الخطة.
أضاف “مثلاً من ناحية الكابيتال كونترول، إذا تضمّن أي إجراءات تحد من النمو أو تلجم قدرة البلد على النهوض الإقتصادي، يجب أن نتجنّبها ونتوجه إلى حلول أخرى تجعلنا نصل إلى هدفنا وفي هذا الإتجاه كانت مشاركتنا بدراسة موضوع قانون الكابيتال كونترول”.
وتابع فهد “من النقاط الأساسية في الخطة هي لجم التضخم، حيث نشهد تضخّماً متتالياً شهرياً وسنوياً يفوق المعدلات في كل بلدان العالم. ولجم التضخم يأتي من لجم الكتلة النقدية بالليرة التي تسمح للتضخم بالإرتفاع. لهذا إعتمدنا في الخطة الوصول إلى الحد الأدنى من الكتلة النقدية بالليرة حتى نصل إلى إعادة حقوق المودعين ولكن ليس عن طريق الليلرة، (ايبدفع الودائع الدولار بالليرة) والتضخم الذي يقتل الإقتصاد في طريقه إلى حل مشكلة مالية أساسية.
وقال فهد “طبعاً، هناك موضوع تعدد سعر الصرف يضر بالإقتصاد ويسمح للبعض بتحقيق أرباح على حساب المواطنين ويعرقل عملية وضع خطط للقطاعات الإقتصادية على المدى القصير والطويل، ما يجعل توحيد سعر الصرف أمراً أساسياً في هذا السياق”.
وأكد فهد ان “ليس هناك تفرقة بين المودعين، أي بين مودع مقيم وغير مقيم، أو مودع لديه وديعة كبيرة أو صغيرة. جميع المودعين يجب أن تصل لهم حقوقهم. لكن طبعا طرق المعالجة ستختلف بين الفئات المختلفة بين المودعين.
وقال فهد “اعتبرنا أنه يجب أن يكون لدينا دين مستدام. وفي هذا الاطار، الدين الموجود في الليرة أصبح من الممكن خدمته لكن الدين بالعملات الأجنبية والمطلوبات بالعملات الأجنبية سنجد طريقة لمعالجتها.
طبعا هذا هدفه القدرة على الدخول الى الأسواق المالية، فإذا أردنا أن يكون لدينا دين عام مقبول نستطيع الحصول على قروض من صندوق النقد الدولي ومن المؤسسات المالية العالمية، خصوصاً بعدما يجدوا أن بات لديه مستوى دين عام بين الـ60% الى 80% من الناتج القومي.
أضاف فهد “في موضوع المساهما