طلبات صندوق النقد قاب قوسين: تعديل تعرفة الكهرباء، وإلغاء الدعم، وتطهير القطاع العام من الموظفين!
ما بين الإستحقاقات، والتخبطات السياسية، والموازنة، والترسيم، مشاكل عديدة تُطرح من هنا وهُناك، فمع تسريع اجتماعات الصندوق النقد الدولي، ومع تحصين العمل تلبيةً لشروطه، كيف هو الوضع حاليا، سواء لناحية الموازنة “الضائعة”، أو لجهة نتائج هذه الشروط على الصعيد الإجتماعي؟
من زاوية الموازنة، فإن معلومات خاصة بموقع Association Avec Expat قد أكدت بأن لجنة المال والموازنة قد شارفت على الانتهاء من وضع تقريرها، الذي سيتضمن ملاحظاتها حول هذه الموازنة، حيث أنّه من المتوقع أن تكون هناك جلسة تشريعية قريبة لإقرار مجموعة من الإصلاحات، ومنظومة تشريعية طويلة، كان قد طالب بها صندوق النّقد الدوليّ، ولعل أبرز هذه المطالب هي موازنة ٢٠٢٢، التي تحملُ “قنبلة موقوتة” تتضمن مُعظلة الدولار الجمركي الذي وحسب الطّرح المتوفر حالياً، هو أن تتراوح تسعيرة الدولار الجمركي ما بين ١٢ إلى ١٤٠٠٠ ليرة لبنانية. إلا أن الكلام لم ينتهِ هنا، فالموازنة، لا تزال محل نقاش كبير، حيث أن فريقاً أولَ يذهب للقول بأنّه لم تعد “حرزانة” أن نقرّ موازنة ٢٠٢٢، داعين إلى البدء على عمل موازنة ٢٠٢٣، حيث أن هذا الفريق يذهب إلى فكرة إقرار موازنة حقيقية، لا تقوم فقط على الأرقام، بل يجب أن تتضمن نظرة إصلاحية شاملة، تهدف للحد من أثر الأزمة الإقتصادية على المستوى الإجتماعي، وهذا ما لم يُقابله إيجاباً الفريق الآخر، الذي يرى ضرورة إقرار موازنة ٢٠٢٢، ولو أنها لفترة قصيرة، خاصةً وأن هذا هو مطلب، لا بل شرط أساسي من شروط صندوق النقد الدولي، وهذا ما يُعتبر مقدمة لموازنة ٢٠٢٣.
أما مصرفياً، فإن الأمر هو الأخر مايزال محطّ نقاش، حيث أن المصادر تؤكد لموقعنا بأن الحكومة كانت قد أرسلت مشروع يخصّ هيكلة القطاع المصرفيّ، هذا عدا عن سلسلة التعاميم التي قام بإقرارها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، حيث أن هذه التعاميم حسب المصدر، ولو تم تطبيقها، كانت لتُشكل هيكلة ذاتية للمصرف، وهذا ما لم تلتزم به إدارة المصارف، بظل تمديد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مهلة هذه التّعاميم لأكثر من مرة، ونذكر من هذه التعاميم، التعميم ١٥٤حيث حثَّ عملاء المصارف الذين قاموا بتحويل ما يفوق مجموعه 500 ألف دولار أو ما يوازيه بالعملات الأجنبيّة إلى الخارج، على إعادة جزء من أموالهم، بما يوازي نسبة 15 في المئة من القيمة المحوّلة”، وهو ما يتضمّنه التعميم رقم 154 الصادر في 27 آب من العام 2020، هذا عدا عن رفع رأسمال المال المصارف إلى ٢٠٪، حيث أن المصارف التي لم تكن قادرة على القيام بهذه الخطوة، كان يتوجب عليها أن تقوم بالخروج من السوق، على أن يتم تصفيتها، وشرائها من مصرف ثان، وهذا ما أدى إلى عدم تطبيق الهيكلية الذاتية غير المباشرة من خلال تعاميم حاكمية مصرف لبنان.
توازياً، وتماشياً مع الإصلاحات المتأخرة، فإن قضية الكابيتال كونترول طُرحت على الطاولة من جديد، حيث أن الجلسة الأخيرة للجان النيابية المُشتركة والتي وصفت بالجلسة الماراتونية لمناقشة قانون وضع ضوابط مؤقتة واستثنائية لكل التحاويل و السحوبات المصرفية المعروف بالكابيتال كونترول لم تمرّ مرور الكرام، حيث أن اعتراضات سُجّلت من مختلف الكتل النيابية من القوات واللقاء الديمقراطي وغيرها من الكتل التي اعترضت على عدم حماية المشروع المُرسل من الحكومة لأموال المودعين، وهذا ما تم توصيفه وكأنه أداة قانونية للمصارف للتعسف بإعادة الودائع.
هذا ويذكر بأن مشروع السرية المصرفية لم يقابل بالإيجاب من قبل صندوق النقد الدولي، إذ أن مذكرة كانت قد سربت من صندوق النقد تتضمن عدم الرضى عن التعديلات التي اعتبرها غير كافية للحد من التهرب الضريبي، وهذا ما دفع برئيس الجمهورية ميشال عون بسحب القانون ورده للمجلس النيابي.
أما موضوع القطاع العام، فإن هذا الأخير يملك أيضاً حصة الأسد من طلبات صندوق النقد الدوليّ، حيث أن معظم المؤسسات الدولية التي قامت بزيارة لبنان، عبّرت من خلال تقاريرها عن “انتفاخ” في القطاع العام، والإستنزاف الكبير الذي تتكلف به مالية الدولة لدفع رواتب الموظفين، خاصةً وأن أرقام خيالية تصل إلى أكثر من ٩٠٠٠ موظف يعتبرون من الموظفين المفروضين، نسبةً لدواعٍ سياسية تتجلى أبرزها بالتوظيف السّياسي، والإنتخابي، كانت قد كشفتها لجنة المال والموازنة، وهذا ما يجب أن يُحلّ بسرعة.
عملية التّطهير هذه لن تتوقف فقط عند موظفي القطاع العام، بل سيمتد الأمر إلى قضية الدعم، حيث أن صندوق النقد الدولي، وحسب مصادر موقعنا، كان قد أكدَّ مِراراً وتكراراً على أن الدولة ليست مجبرة أصلاً على دعم الكهرباء، والمياه، والسّلع، وهذا ما يُبشّر بأن تعرفة الكهرباء باتت قاب قوسين من الإرتفاع، حيث أن هذا الأمر كان قد انتهى التحضير له في وزارة الطاقة، ومؤسسة كهرباء لبنان، والانتظار الأن هو لتوقيع وزير المال.
وعليه، وبظل هذه الطلبات الكبيرة لصندوق النقد الدولي، وتفادياً لعدم تحويل المجلس النّيابي لهيئة ناخبة، لم يدع رئيس مجلس النواب نبيه بري لجلسة في الأول من أيلول، لا بل ارتأى تأجيلها، ليكون المجلس قادراً على إقرار العدد الأكبر من طلبات صندوق النقد، وهذا ما يشير إلى وجود جلسة تشريعية قريبة.