Nouvelles Locales

افرام من الكابيتول: لتوازن جديد بين حرّية التعبير والإعلام المسؤول

ألقى النائب نعمة افرام الكلمة الرئيسيّة في المؤتمر الدوليّ السنويّ حول “حرّية الاعلام”، الذي نظمّه منتدى “شبكة القيادة عبر المحيط الأطلسي” وانعقد في مبنى الكابيتول، مقرّ المجلس التشريعيّ للولايات المتّحدة الأميركيّة في العاصمة واشنطن.

وقد شارك في المداولات عدد واسع من أعضاء مجلسي النوّاب والشيوخ ومن المسؤولين الأميركيين والدوليين، منهم رئيس وزراء مونتينغرو وأعضاء من البرلمان الأوروبيّ، ومن اسبانيا والبوسنة والهرسك وبلدان افريقيّة، ومسؤولون في العلاقات الخارجيّة والأمن القومي، وقادة رأي ورؤساء تحرير أبرز الوسائل الإعلاميّة الأميركيّة والكنديّة، مع مشاركة في الآراء والأبحاث لمؤسّسات عدّة منها “التلغراف” و”الجزيرة” و”صوت اميركا” و”عين الشرق الأوسط” و”نيوزويك” و”الحرة” إلى جانب رئيس ومسؤولي “نادي الصحافة الوطني” في واشنطن.

وأشار افرام في كلمته بالانكليزيّة التي حملت عنوان “حرية التعبير والإعلام المسؤول: توازن جديد في طور التكوين”، إلى تجربة لبنان في حرّية التعبير وأثمانها الباهظة قائلا: “كان لوطني أوّل مطبعة في العالم العربي منذ العام 1585، وشكّل تاريخيّاً منصّة استثنائيّة مبدعة للتفاعل الإعلاميّ الحرّ على صعيد منطقة الشرق الأوسط قاطبة. فحمل إعلامه لقضايا المنطقة وحقوق شعوبها ورافع عنها، إضافة بالطبع إلى نضال إعلامه في سبيل قضاياه الخاصة أيضاً، أكان في مواضيع الحرّية والسيادة وتطوير نظامه ومحاربة الفساد وغيرها وغيرها. وقد استشهد في سبيل ذلك منذ الحرب العالميّة الأولى زمن سيطرة السلطنة العثمانيّة على المنطقة، مروراً بستينيّات القرن الماضي ووصولاً إلى اليوم، المئات من الصحافيين والمفكّرين وقادة الرأي، سُجن أو هُجّر آخرون، وتعرّض كثر للتهديد والقمع وأغلقت صحف وأقفلت محطات إذاعيّة وتلفزيونيّة”.

أضاف: “أسئلة عديدة تطرح اليوم عن إشكاليّات حرّية التعبير من منظار نقديّ، جدليّ، بحثيّ وتقييميّ، وأيضاً من منظار قانونيّ. فما بين حرّية التعبير وبين حماية المصالح الوطنيّة والمجتمعيّة، توازن دقيق. أقصد بهذه المصالح التداعيات السلبيّة لحرّية التعبير المطلقة ومنها عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ، على السلم الأهلي والأمن القوميّ الخاص بالبلدان، وعلى القيم والمبادئ المجتمعيّة العليا، ومصلحة العامة والجماعة كما الافراد على السواء. وأعطي مثلاً على ذلك تساؤل البعض في لبنان اليوم، هل في جزء ممّا حلّ به كان عقاباً بسبب الذهاب إلى ما هو أبعد من الحدّ الأقصى في تظهير هواجس والدفاع عن قضايا، رفع لواءها أعلامنا؟ فقد دفعنا الأثمان الغالية من تشرذم داخليّ وانقسامات وحروب أهليّة من ناحية، وأيضاً عانينا من ناحية ثانية من حروب من الخارج شُنّت علينا”.

وتابع: “يتساءل البعض أيضاً إنطلاقاً من مستوى آخر اجتماعيّ، كيف التصرّف حين يتناول التعبير الحرّ قيم المجتمع ومبادئه ومقوّماته الأساسيّة؟ وحين يمتدّ أحياناً إلى تشويه السمعات والقتل المعنوي والطعن في الأعراض؟ وحين يسود خطاب الكراهية والتحفيز على العنف، وتتعاظم تعابير التحريض والتمييز أو ازدراء الأديان؟ أيمكن التعويض على مثل هذه الاساءات؟ وهل هناك من تعويض ماديّ أو معنويّ قد يوازي حجم مثل هذه الانحرافات؟”.

وأردف: “في الوقت الذي يتعرّض فيه الحقّ الإنسانيّ الأساسي في التعبير للتهديد في عدد مُتزايد من البلدان، يجب الاعتراف أنّنا وصلنا إلى مفترق طرق حَرج، ينبغى معه أن تُحمى وتُصان الحرّيات بمبدأ الحرّية المسؤولة. فكيف يمكن حماية هذه الحرّية المقدّسة؟ في الولايات المتّحدة، تسمّى وسائل الإعلام السلطة الرابعة إلى جانب السلطات التنفيذيّة والتشريعيّة والقضائيّة، كما في بلدي لبنان. إنّي أؤكّد في هذا المجال انّنا عشنا في لبنان مؤخراً تجربة حقيقيّة واختباراً عمليّاً على الأرض، في لعب وسائل الاعلام دور السلطة الرابعة، في الوقت الذي كانت تتهاوى فيه السلطة الأولى والثانية والثالثة، وتشلّ كافة المؤسّسات الرسميّة والقطاعات العامة. ومع انهيار القضاء والمؤسّسات الرقابية ومفهوم المساءلة وانتشار الفساد، شكّل الاعلام الحّر الاحتياط الاستراتيجي الذي يستعمل اليوم كسلطة رقابة ومحاسبة وحيدة على الرؤساء والوزراء والقضاة والمؤسّسات الأمنية والمسؤولين كافة. ويبقى المطلوب في نظري، هو إيجاد آلية ضبط ما لحدود هذه السلطة. من هنا، وكانتصار للدور المقدّس لوسائل الاعلام ولوسائل التواصل الاجتماعي كسلطة رابعة تراقب وتحاسب باسم الناس ونيابة عنهم، يفترض أيضاً مساءلة الأخيرة عندما تنحرف عن القيام بمثل هذا الدور”.

وختم رافعاً “توصيات لتثبيت الحرّية وحمايتها، ولايجاد التوازن الطبيعيّ بين السلطة الرابعة وضوابطها عبر الحرّية المسؤولة، عبر التالي:

1. الأساس هو في التعليم والتربية في العائلات، وفي المدارس والجامعات، على أصول استعمال الحرّية ومسؤوليّة إساءة استعمالها، وخصوصاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي منحت سلطة إعلاميّة مطلقة بين أيدي كلّ المواطنين في العالم.

2. العمل على وضع التشريعات المضبوطة والمناسبة، بحيث تكون منبثقة عن روحيّة الدساتير والمواثيق والاعلانات الدوليّة.

3. التشجيع على خلق جيوش الكترونيّة أخلاقيّة قيميّة، صاحبة قوّة إطلاق نار ايجابية، من المواطنين الناشطين ومن الإعلاميين وقادة الرأي، كحماة للحرّية المسؤولة وقادرين على مجابهة الانحرافات وتصحيحها في اتجاهين: قمع الاعلام من ناحية والانفلات اللامسؤول للاعلام من ناحية ثانية”.

وتوجّه إلى الحضور قائلاً: “إنّي في الختام أرى، من خلال هذا الحدث الذي تحتفلون به، منصّة للدفاع عن الحرّية وللاضاءة على الحرّية المسؤولة بالقدر عينه. إني أحيّي حاملي لواء حرّية التعبير ما بينكم اليوم، الملتزمين مواثيق شرف الاعلام الحرّ. أنتم السلطة الرابعة بحقّ، الذين تراهنون بحياتكم في سبيل الحقيقة والحرّية المسؤولة في كلّ زمان ومكان”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى