وجّه النائب السابق مصباح الأحدب كتابا مفتوحا الى مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان، حيا فيه المفتي دريان “على جهوده ومبادرته الوطنية التي أطلقها في هذه المرحلة التأسيسية الحرجة التي نحتاج فيها الى استعادة عافية الوطن بكل فئاته، وهذا يفترض تأهيل رجال وطنيين يعبرون بلبناننا الى بر الامان، في ظل التشتت الذي يجتاح البلاد عموماً والاحباط الذي يعتري الشارع السني خصوصاً”، معتبرا “ان مبادرة المفتي مبادرة وطنية لأننا نعلم كم ان الانتماء الوطني اولوية اولى عنده، ومستند هذا الانتماء وأساسه هو الإنتساب والتحصن بالبعد والهوية العربية”.
واشار الاحدب الى “الخلل في التوازن الوطني”، موضحا “ان التوازن الوطني أصيب بخلل كبير نتيجة عوامل عدة أبرزها تنازلات غير مدروسة وغير متكافئة أقدم عليها رؤساء حكومات متعاقبين، منهم من قَبِل ان يترأس حكومات تَوجُّه الاغلبية فيها ضده، بحيث اذا اجرت الحكومة تصويتا على قرار، كان القرار ضد توجهات رئيسها، وأعطى الثلث المعطل لخصمه، ومنهم من قبلوا ببحث ومناقشة اسماء الوزراء وان تملى عليهم التشكيلات الحكومية حتى قبل ان يتم تكليفهم، فتنازلوا عن الصلاحيات والهيبة التي أعطاها الدستور لرئيس الحكومة، وخضعوا لاسبقيات وبدع قد تتحول أعرافاً جديدة تنال من صلاحيات رئيس الحكومة الدستورية، وتكرس اذا ما استمرت خللاً في التوازن الوطني الذي أرساه اتفاق الطائف، إضافة لذلك فان تخاذل الرؤساء المتعاقبين على رئاسة الحكومة قد حرم ابناء جلدتهم نتيجة لذلك، من المشاركة بالدولة حتى بالتعيينات والوظائف، مقابل مصالح ومكتسبات خاصة للقيادات السياسية”.
وتناول الاحدب في كتابه الى المفتي دريان “واقع السنة في لبنان”، مشيرا الى انه علاوة على ما تقدم نجد أنه في المناطق السنيّة فقط يمكن للأجهزة الأمنية أن تعتقل من تشاء دون محاكمة تحت عنوان “وثيقة إخضاع” وبعد خروج الموقوف من سجنه بالمذكرة ٣٠٣، فكيف سنبني وطناً فيه فريق يعامل بهذه الطريقة؟ فهل يبنى وطن اذا كانت المواطنة انتقائية وطائفية؟
لذلك أصبحت مناطقنا في صيدا وطرابلس ومدن الشمال والبقاع مختزلة من قبل الدولة بمجموعات مسلحة مؤلفة من شباب تم توريطهم من قبل الدولة نفسها، لخدمة مصالح وأجندات أمراء الفساد المتحكمين بمفاصل الدولة، فتوصم بها البيئة السنية كاملة بالإرهاب، فيصبح مبدأ تعامل كل مؤسسات الدولة مع ابنائنا من هذا المنطلق.
حتى وصلنا الى مرحلة يقال لنا كسنة إذا أردتم ان تحموا انفسكم عليكم ان تطلبوا الحماية اما من حزب الله واما من فريق مسيحي، في حين ان حمايتنا يجب ان تؤمن من مؤسسات الدولة وان تستمد من تاريخنا ووجودنا في ارضنا ومن حقوقنا المكرسة في الدستور ووثيقة الوفاق الوطني”.
واشار الاحدب الى “حلف الاقليات وآثاره على دور لبنان في المنطقة”، معتبرا “ان سياسة ايران القائمة على تحالف الأقليات والمتبعة في كل المنطقة من العراق الى سوريا فلبنان، أقنعت بعض الاحزاب المسيحية ولا سيما تيار رئيس الجمهورية الذي ستغيب شمس حكمه قريبا باذن الله، بأن حمايتهم تكون عبر تحالف الاقليات وعبر تشويه صورة المسلمين ودعشنتهم لضربهم، والاخلال بالتوازن الوطني والى تعطيل البلد بحجة الميثاقية، فيما الميثاقية دستورياً يجب أن تبنى على توازن العلاقات بين القوى الموجودة وحماية حقوقها الدستورية”.
ورأى “ان الخلل قد أصبح شاملا على مستوى كل لبنان ووصلنا الى هذه المرحلة من الانهيار، وقد ثبت للجميع ان هذا الوطن لا يبنى بالثنائيات الطائفية، وانما بالمواطنة، ولا يمكن أن يقوم على حساب اهلنا أو اي طائفة أخرى، فالسنة في لبنان هم شريحة مؤسسة في هذا البلد، وهم شريحة الاعتدال والانفتاح وعليهم يبنى العيش المشترك، ووجودهم ربح للبنان كل لبنان، فيما غيابهم او تغييبهم هو خسارة للبنان الكيان والدور والرسالة في هذه المنطقة”.
وأعلن الاحدب عن “الخطوات المرجوة من مبادرة المفتي دريان”، مشيرا الى “ان الأعراف المبتدعة التي تتناقض مع النصوص الدستورية والصلاحيات التي انتقصت من حقوق اهلنا يجب ان تعالج، فعندما توجد النصوص القانونية تصبح الأعراف بلا قيمة قانونية لأن العرف لا يلغي النص”.
ودعا الى “ان يكون اجتماع السادة النواب في دار الفتوى نقطة انطلاق لإعادة التوازن الوطني عبر ما يلي:
أولاً- العودة للدستور نصاً وروحاً والذي ينص في مقدمته على هوية لبنان العربية.
ثانياً- رفض لعبة الأعراف والبدع والتشاطر على الدستور.
ثالثاً- وضع مشروع وطني جامع وشامل قائم على المواطنة يعالج الخلل القائم ويضمن للبنانيين من كل الطوائف أن تكون حقوقهم مصانة، ويلغي جميع التنازلات التي أودت بنا الى ما وصلنا إليه.
رابعاً- رفض المشاركة بأي حكومة لا تضع حداً للخلل القائم.
خامسا- ايلاء حاجات الناس اولوية مطلقة واعادة الحياة الى الخدمات الاساسية في الصحة والتعليم والنقل، والحرص على تسيير مرافق الدولة والمرافق العامة بما يسهل للمواطنين حياتهم ويمنع تفاقم حالات الفقر والبطالة والهجرة والتسرب المدرسي”.