مع مطلع أيلول، عادت روابط التعليم للتحرك في الشارع تزامناً مع مطالبة وزير التربية عباس الحلبي الأساتذة بـ«الواقعية، كون خزينة الدولة لا تحتمل الزيادات الكبيرة»، ووعوده بـ«تحقيق الحد الأدنى من العيش الكريم للمعلم»، ودعوته «جميع السّلبيين لعدم التحريض على العام الدراسي»، ووسائل الإعلام إلى «تشجيع الأساتذة على العودة للمدارس». للوهلة الأولى، يبدو من كلام الوزير وكأن الأساتذة بحاجة إلى دعم نفسي ودورات تنمية بشرية تمكنهم من القيام بواجباتهم، وليس لراتب يقيهم شرّ العوز! الحقل المعجمي المستخدم مع الأساتذة لا يتغيّر بتغيّر العهود والوزراء، يبدأ بـ«نتمنى» و«نأمل» و«نعمل»، وينتهي بثلاث كلمات: «تحميل الأساتذة المسؤولية»
تجاهل المسؤولين للملف التربوي مستمر. بعد المؤتمر الذي عُقد في وزارة التربية في 10 آب الماضي، وحدّدت فيه الروابط مطالبها بثلاثية «تصحيح الراتب، زيادة بدل النقل ودعم تعاونية الموظفين»، انقطع التواصل بين الروابط والجهات الرسمية، باستثناء «لقاء مع رئيس حكومة تصريف الأعمال في حضور وزير التربية» بحسب مصادر الروابط، تكرّرت خلاله المطالبة بـ«مضاعفة الراتب ثلاث مرات، وسبعة ليترات من البنزين عن كل يوم عمل، ودعم الاستشفاء». طلب رئيس الحكومة 10 أيام للرد على المطالب، «ومرّ 20 يوماً ولم نسمع منه شيئاً». وتضيف المصادر أنّ هناك اجتماعاً للروابط مع الدول المانحة في وزارة التربية الاثنين المقبل، مبدية خشيتها من فكرة «ربط المساعدة للأساتذة بقبول دمج تعليم النازحين السّوريين خلال الدوام الصباحي في المدارس والثانويات».
إلى الاعتصامات في المناطق أمس، التي كان الأمل منها أن تكون تعبيراً صارخاً عن وجع الأساتذة (على مختلف تسمياتهم)، ورغم توجيه الدعوة من الروابط التعليمية كافة (ثانوي، أساسي ومهني) إلا أن شكل الحشود بقي على هزالته مكرراً مشهد كل اعتصامات العامين الماضيين. لم تتجاوز الأعداد في أحسن الأحوال الخمسين شخصاً، وبحسب تعبير أستاذ من منطقة بعلبك: «احتسبنا المشاة على الأرصفة مع الحاضرين لتضخيم الأرقام». الصورة الهزيلة للحشود انسحبت على بقية المناطق من الشمال إلى الجنوب. وفي منطقة بعبدا، التي تضم أكثر من ثلث مندوبي رابطة التعليم الثانوي، لم يتجاوز «حشد» المعتصمين مدخل مبنى المنطقة التربوية. عضو الهيئة الإدارية في رابطة التعليم الأساسي منال حديفة عزت ذلك إلى تكاليف النقل الباهظة، فـ«كلفة الانتقال من الشوف إلى بعبدا وصلت إلى 800 ألف ليرة». وقد شدّدت الكلمات كلّها على «المطالب الثلاثة لروابط التعليم»، وأكدت أنه من دون تحقيقها «لن ينطلق العام الدراسي».
أما على جبهة المعترضين غير المشاركين في الاعتصام، فإن «أي تحرك من دون سقف الجمعيات العمومية لا طائل منه»، مشددين على «أننا لن نكون حطباً للروابط التي تعمل هيئاتها الإدارية بمعزل عن القواعد، فتقرر الإضرابات وتتراجع عنها من دون مراجعة أحد»