يبدو أن نتائج جلستي يوم غد الثلاثاء لمجلس النواب ستكون أكثر إنتاجية ودسامة من نتائج جلسة الخميس المقبل التي ستحصل في 20 الجاري والمخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية.
ففي الجلسة الأولى التي تُعقد وفقاً لنص المادة 32 والفقرة الثانية من المادة 44 من الدستور والمادة 19 من النظام الداخلي لمجلس النواب، ستبقى الأمور على حالها بالنسبة للهيكلية الإدارية لمجلس النواب، أي أنه لا تغيير في مناصب ومواقع أميني السر والمفوضين ورؤساء ومقرري وأعضاء اللجان النيابية، إلا إذا قرر أحد أو بعض النواب أن يُقدم استقالته من عضوية إحدى اللجان والإنتقال والترشح إلى عضوية لجنة أخرى. ولكن المعطيات المتوفرة لا توحي بحصول متغيرات لا سيما أن انتخابات اللجان والمجلس ككل لم تمض عليها خمسة أشهر وهي حصلت بعد ولادة البرلمان الجديد.
أما الجلسة الثانية التي ستلي جلسة تجديد إنتخاب اللجان واختتام محضرها وافتتاح الجديدة، فهي جلسة تشريعية تؤكد الإجتهاد القائم على أن المجلس سيد نفسه ويستطيع أن يعقد جلسات حتى لو كان في مرحلة الإستحقاق الرئاسي، لأن تحوّله إلى هيئة ناخبة يكون عندما يلتئم لانتخاب رئيس، أي خلال جلسة الإنتخاب لا يستطيع التشريع، وفق ما سبق لرئيس مجلس النواب نبيه بري أن أشار إليه.
ويتضمن جدول الأعمال خمسة مشاريع قوانين أبرزها المرسوم المتعلق بإعادة قانون تعديل بعض مواد قانون السرية المصرفية.
وإذا كان لكل من هذه المشاريع قصته وحكايته الخاصة، فإن للسرية المصرفية ورفعها قصة طويلة تبدأ من صندوق النقد ولا تنتهي عند محاولات التذاكي والتشاطر من قبل أركان السلطة للتحايل على مطالب الصندوق وشروطه، ما استدعى رد القانون من قبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في 31 آب الماضي إلى مجلس النواب الذي أقرّه منقوصاً ومشوهاً ومفرغاً من مضمونه، وفق توصيف صندوق النقد وبعض الخبراء.
رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان توقع إقرار القانون في جلسة الغد، مشيراً إلى أنه تم الأخذ بمعظم ملاحظات رئيس الجمهورية وصندوق النقد.
وقال: “سينطبق القانون على كل من تعاطى الشأن العام بمفعول رجعي ولاحق منذ العام 1989 وقد حددنا الجهات المخولة طلب رفع السرية المصرفية من القضاء إلى هيئة التحقيق الخاصة وهيئة مكافحة الفساد ولجنة الرقابة على المصارف والإدارة الضريبية”.
ضاهر يحذّر من إرادة متعمدة لتعطيل القانون
من جهته، ممثل لجنة حماية حقوق المودعين لدى نقابة المحامين في بيروت والجمعية اللبنانية لحقوق المكلفين المحامي كريم ضاهر الذي سيتحدث في مؤتمر صحافي في مقر المفكرة القانونية بعد ظهر اليوم عن ملاحظاته على المشروع كما عدلته لجنة المال وتبعاً لملاحظات رئيس الجمهورية وصندوق النقد، استغرب عبر “نداء الوطن”، “إستبعاد نقابة المحامين من دعوتها للمشاركة في آخر إجتماع للجنة المال لبحث رد رئيس الجمهورية، لا سيما أنها شاركت سابقاً في كل اجتماعات اللجان النيابية المشتركة وقدمت الكثير من المقترحات التي تم التوافق عليها في اللجان ثم أعيد تعطيلها ونسفها في الهيئة العامة رغم وعود النواب وتحديداً أعضاء لجنة المال بإضافات تلبي مطلب صندوق النقد وخصوصاً في المادة السابعة بشأن الولوج المباشر من قبل الهيئات المعنية برفع السرية دون المرور بهيئة التحقيق الخاصة وكذلك تمكين النيابات العامة الأخرى وإزالة الإلتباس حول الرجعية للتحقق ومن هي الجهات التي تطولها”.
ونبّه ضاهر من “وجود إرادة متعمدة لتعطيل القانون من خلال القول إنهم لبّوا مطالب صندوق النقد شكلياً بينما يصبح القانون غير قابل للتنفيذ كما غيره من القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد والإثراء غير المشروع”.
ولفت إلى أن “صندوق النقد غير مقتنع ويُشكك في إمكانية التوصل إلى إتفاق نهائي لأن السلطة السياسية لم تنجز قانون إعادة هيكلة المصارف وتوحيد سعر الصرف والكابيتال كونترول والأهم أيضاً هو تأمين التمويل الإضافي البالغ 7 مليارات دولار من قبل الدولة اللبنانية لكي يقدم الصندوق مبلغ الـ3 مليارات”.
ويُشير ضاهر إلى”تلاعب والتباس بالنص بما يمنع إمكانية ملاحقة أو محاسبة المسؤولين عن المصارف وكذلك شطب النص الذي كان يؤمّن وجود سجل دائم للتدقيق المستمر”.
تمديد سن التقاعد سنتين للضباط العامين في الجيش والقوى الأمنية الأخرى
ومن المتوقع أن يقتحم جدول الجلسة أيضاً إقتراح القانون المعجل المكرر الذي تقدم به يوم الخميس الماضي، النائبان في كتلة “اللقاء الديموقراطي” بلال عبد الله وهادي أبو الحسن والذي يرمي إلى تأجيل تسريح وتمديد سن التقاعد لمديرين عامين وضباط عامين في الجيش والقوى الأمنية الأخرى لمدة سنتين من تاريخ سريان القانون ليستبق إمكانية حصول شغور في بعض تلك الوظائف والمراكز الحساسة.
وإذا كانت المعطيات تُشير إلى أن هذا الإقتراح سيستفيد منه عدد من أعضاء المجلس العسكري ومدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي يُحال على التقاعد في شهر آذار المقبل، فإن أحد موقعي الإقتراح النائب هادي أبو الحسن يؤكد أن”المطلوب منا كنواب أن نحتاط وأن نُعزز دور القوى الأمنية، خصوصاً في الظروف الحالية، لا أن نُعطل دورها ونشلّها”.
ويقول لـ”نداء الوطن”: “في العام 2014 دخلنا في شغور وفراغ رئاسي استمرّ سنتين ونصف السنة وبالتالي يجب علينا أن نُبادر لتفادي أي شغور في حال دخلنا في الشغور الرئاسي الذي لا نتمنّاه ولا نريده وما يُمكن أن يتبعه من شغور في قادة الأجهزة الأمنية، لذلك تقدمنا بهذا الإقتراح بهدف تأجيل التسريح للضباط العامين الذين يشغلون مراكز عليا لمدة سنتين وللهيئة العامة لمجلس النواب والزملاء من خلال النقاش والتصويت على هذه المهلة أو تعديلها”.
في المقابل، هناك من يرى من النواب ومن كتل مختلفة أنه لا ضرورة له ويمكن أن تستمرّ المؤسسات بإدارة نائب المدير العام أو من يُحدّده القانون في إدارة شؤون هذه المؤسسة أو تلك إلى حين تعيين مدير جديد.
ويبقى في جدول أعمال الجلسة مشاريع القوانين التالية: مشروع القانون المتعلق بتعديل المادة 35 من الفصل الأول من الباب الثاني من (قانون الدفاع الوطني)، مشروع القانون المتعلق بتعديل المادة السابعة عشرة من قانون (نظام الكلية الحربية في لبنان)، مشروع القانون المتعلق بطلب الموافقة على إتفاقية قرض البنك الدولي بقيمة /150/ مليون دولار أميركي لتنفيذ مشروع الإستجابة الطارئة (لتأمين إمدادات القمح فقط مواد المشروع)، ومشروع القانون المتعلق بطلب الموافقة على إبرام إتفاقية قرض بين الجمهورية اللبنانية والبنك الدولي للإنشاء والتعمير لتنفيذ مشروع تعزيز إستجابة لبنان لجائحة كوفيد- 19.
في المحصّلة، جدول دسم رغم أنه يقتصر على عدد محدد من المشاريع ولكن مضمونها ونتائجها ليست عابرة أو ثانوية، بينما جلسة الخميس الرئاسية قد تراوح مكانها بلا نتيجة متوقعة.
الى ذلك طالبت “مجموعات الثورة” في بيان لها الشعب اللبناني بأن “يلاقينا يوم الخميس 20/10/2022 يوم انعقاد جلسة ثالثة لانتخاب رئيس للجمهورية، أوّلاً، لوقف مسرحيات السلطة في جلسات عقيمة لا تخدم سوى الفوضى والانهيار، وثانياً، لفرض انتخاب رئيس يعيد للبنان تألّقه وموقعه، يعيد إحياء دولة القانون والمؤسسات، رئيس يصلح للبنان الوطن، ولتاريخه ولمستقبله ومستقبل أبنائه من خلال كلّ ما ذكرناه، إعادة إحياء المافيا تعني موت الوطن ولكن إن عشتم أنتم، عاش لبنان الوطن”.