بدءًا من يوم غدٍ الخميس أو يوم الجمعة على أبعد تقدير سيصدر المجلس الدستوري الدفعة الأولى من نتائج الطعون النيابية الـ15 والموجهة ضد 18 نائباً.
مهما كانت نتيجة الطعون، سواء قَبِل المجلس الدستوري بجزءٍ منها أو رفضها جميعها، فإنّ ذلك لن يؤثّر في التوازنات المُرتبِكة أصلاً والمُسيطِرة على خارطة المجلس منذ نهاية انتخابات 15 أيار.
فالحديث مستمر عن تضعضع ليس فقط في جبهة نواب “قوى التغيير” حيال كلّ الملفّات من دون استثناء بحيث يندر أن يتوافقوا على ملفّ واحد، بل إنّ عصف التمايزات يطال الكتل الكبرى، خصوصاً التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية، وبالتالي نائب بالزائد أو بالناقص لن يغيّر في تركيبة نيابية تبدو حتى الآن كـ “عَجنة” غبّ الطلب تتحرّك وتتموضع بحسب الإملاءات والظروف.
هذه التركيبة تجلت في انتخابات رئيس مجلس النواب ونائبه وفي إقرار بعض القوانين الأساسية كتعديل السرّيّة المصرفية والجلسة الأولى لانتخاب رئيس الجمهورية، وهو الأمر المتوقّع في كلّ الجلسات التي ستحسم آخِرتُها هويّة الرئيس المقبل.
أقصى ما يمكن أن تنتجه حصيلة الطعون إذا قُبِل البعض منها، وهو الأمر غير المؤكّد حتى الآن، زيادة منسوب الحساسيّة بين القوّاتيين والعونيّين، خصوصاً إذا قُبِلت طعون مرتبطة بـ “عدّاد” الطرفين من النواب.
وفق معلومات “أساس” وصلت تقارير المُقرّرين (عُيّن أكثر من مقرّر لكلّ طعن، واختلف العدد بحسب حجم الملفّ) إلى المجلس الدستوري منتصف أيلول. وكان أمام المجلس شهر للمذاكرة وإصدار القرارات النهائية بأكثرية سبعة أعضاء من عشرة.
يعود قرار إصدار نتيجة الطعون أقلّه على دفعتين إلى عدم رغبة أعضاء المجلس بإصدار نتيجة طعن معيّن تتشابه بعض حيثيّاته بطعن آخر، وهو ما قد يُفسَّر أنّه عامل مؤثّر على هذا الطعن. لذلك ارتأى الأعضاء إصدار الطعون المتشابِهة في السلّة نفسها على أن تشمل المرحلة الأولى الطعون “الجاهزة والتي لا نقاط تقاطع قانونية بينها”.
حتى اللحظة تتكتّم مصادر المجلس الدستوري بشكل كامل على نتائج الطعون التي لا يزال المجلس ينظر في القليل منها من دون أخذ القرار النهائي فيها، إذ هناك على الأقل ثلاثة طعون باتت جاهزة لإصدارها، فيما البقيّة تخضع “للروتشة” النهائية، لكنّ الدفعة الأولى قد تتضمّن أقلّه خمسة طعون.
يُذكر أنّ تقرير المقرّر هو “مشروع قرار” يتمّ إخضاعه للنقاش وإعادة الدرس في المجلس الدستوري، وقد يتمّ الأخذ به بشكل كلّي أو جزئيّ أو رفضه بشكل كلّي أو جزئيّ، وبالتالي القرار النهائي يعود للمجلس الدستوري.
سبق لرئيس المجلس القاضي طنّوس مشلب أن أكّد في حديث تلفزيوني أنّ “أعضاء المجلس يعملون في ظروف لوجستية صعبة جدّاً لعدم توافر أحياناً الكهرباء والحبر والطباعة”. وأكّد في حديث سابق لـ “أساس” عدم تعرّض أعضاء المجلس لأيّ ضغوط سياسية، وهو الأمر الذي كرّره قبل أيّام.
أبرز الطعون
يعيد “أساس” نشر أبرز الطعون:
– العدد الأكبر منها سُجّل في طرابلس-المنية-الضنّية وبلغ أربعة طعون، أهمّها وأكثرها جدّية الطعن المقدّم من فيصل كرامي (6,494 صوتاً تفضيلياً) ضدّ المرشّحين على لوائح قوى التغيير إيهاب مطر (سنّيّ-6,518 صوتاً)، ورامي فنج (سنّيّ- 5009 أصوات)، وفراس السلّوم (علويّ- 370 صوتاً)، وطعن حيدر ناصر (علويّ- 313 صوتاً) ضدّ إيهاب مطر وفراس السلّوم ورامي فنج، وطعن مطانيوس محفوض (أرثوذكسي- 250 صوتاً) ضدّ النائب جميل عبود (79 صوتاً).
– في عكّار تقدّم المرشّح عن المقعد العلويّ حيدر زهر الدين عيسى الذي نال 3,948 صوتاً تفضيلياً ضدّ النائب أحمد رستم (324 صوتاً تفضيلياً).
– في جزّين-صيدا تقدّم أمل أبو زيد على لائحة التيار الوطني الحر (5,184) بطعن ضدّ المرشّح على لائحة القوات سعيد الأسمر (1,102)، وإبراهيم عازار (7,894) على لائحة الثنائي الشيعي ضدّ الأسمر وشربل مسعد (984) على لائحة أسامة سعد وعبد الرحمن البزري.
– في مرجعيون-حاصبيا المرشّح الخاسر مروان خير الدين (2,634) ضدّ فراس حمدان (4,859) على لائحة قوى التغيير التي فازت بحاصل أدّى إلى فوز الياس جرادي وبكسر. يكتسب قبول الطعن في هذه الدائرة، كما في طرابلس، أهميّة سياسية لأنّه يرفع من رصيد نواب قوى 8 آذار بوجه بلوك “التغييريّين”.
– في بيروت الأولى تقدّم المرشّح عن مقعد الأقلّيّات على لائحة القوات إيلي شربشي (727 صوتاً) ضدّ المرشّحة سينتيا زرازير (486) على اللائحة المدعومة من النائبة بولا يعقوبيان.
في المتن الطعن المقدّم من المرشّح عن المقعد الماروني جاد غصن (8,526) ضدّ النائب على لائحة القوات رازي الحاج (3,459) والنائب آغوب بقرادونيان (أرمن أرثوذكس- 4,973).
وفيما تسرّبت معطيات في الأيام الماضية عن احتمال قبول طعن المرشّح واصف الحركة (4,092) عن المقعد الشيعي في بعبدا ضدّ النائب في كتلة التنمية والتحرير فادي علامة (4,862)، فإنّ معطيات “أساس” تؤكّد أخذ المجلس الدستوري بمعيار حاصل اللائحة وليس أصوات المرشّح الطاعن أو المطعون به حتى لو استدعى الأمر إعادة فرز الأصوات، وهذا ما حصل فعلاً. وبالأرقام نالت لائحة تحالف الثنائي الشيعي-التيار الوطني الحر في بعبدا (33,962 صوتاً) بينما نالت اللائحة التي ترشّح من ضمنها الحركة (13,201).
عمليّاً، ستكون قمّة المفارقات قبول طعن بسبب دفع رشى انتخابية فيما شكّل المال الانتخابي كبرى فضائح استحقاق 2022 بإشراف “هيئة الإشراف على الانتخابات” وبعض المؤسّسات الدولية المراقِبة.
يُذكر أنّه في العام 2018 بتّ المجلس الدستوري، للمرّة الأولى في تاريخه منذ إنشائه عام 1993، سبعة عشر طعناً على أساس القانون النسبي للانتخابات، وقَبِل فقط الطعن المقدّم من مرشّح “الأحباش” في طرابلس طه ناجي ضدّ ديما جمالي الذي أبطل المجلس نيابتها داعياً إلى انتخابات فرعية فازت فيها مجدّداً. وأدّت قرارات المجلس إلى تعديل في بعض نتائج الانتخابات في أكثر من دائرة، لكن من دون أن يؤدّي ذلك إلى إبطال نيابة أحد.