دعا شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى الى “مواجهة التحديات الراهنة بالوحدة الوطنية وجمع الشمل الداخلي ووحدة الصف لتجاوز الصعوبات التي أنهكت بلدنا، والى المزيد من التماسك الروحي والوطني العام وتضافر الجهود المشتركة كل في موقعه، للحفاظ على الوطن وصون قيمه الاجتماعية والوحدوية وغنى تنوعه”، مشدداً على “احترام القوانين الدستورية لإنجاز الاستحقاقات المطلوبة كي يبقى الأمل بنهوض بلدنا وعودته إلى دوره الرسالي”.
كلام الشيخ أبي المنى جاء خلال جولة شوفية كانت له فيها محطات ولقاءات مع مشايخ وفاعليات وأهالٍ، رافقه فيها وفد من المشايخ وأعضاء من المجلس المذهبي والمستشارين، واستهلها من بلدة كفرنبرخ بتقديم التعازي بأبو عماد وجيه الغضبان، ثم كانت محطة في بقعاتا الشوف حيث اقام له رئيس بلدية نيحا وهيب غيث استقبالا في منزله، بمشاركة رئيس مؤسسة العرفان التوحيدية الشيخ نزيه رافع ورئيس بلدية الجديدة-بقعاتا هشام الفطايري وشخصيات وفاعليات روحية واجتماعية وبلدية واهلية مختلفة.
وألقى غيث كلمة ترحيب بأبي المنى، مثمنّا “مواقفه الوطنية والجامعة والجهود التي يبذلها لصالح الوطن ولا سيما الطائفة صونا لوحدتها وكرامتها والكل يشهد على حكمتكم وقدرتكم على تحقيق غايتها النبيلة المرجوة”.
ورد أبي المنى بكلمة شكر على حفاوة الاستقبال، ورأى أن “مسيرة الحياة لا يمكن إلا أن تكون مليئة بالصعاب والتحديات المختلفة لمن يريد خوض غمار تحدي البقاء والصمود وتجاوز كل المعوقات بالحكمة وحسن التدبير، وأمام المسؤوليات الكبيرة وواقعنا الحالي إنما نواجه التحدي بوحدة الصف، حيث ندعو بأن يكون جمع الشمل كاملا وشاملا”. وقال: “نعمل بكل الإمكانيات لهذا الهدف، وان شاء الله بالتعاون مع الاستاذ وليد بك جنبلاط والمشايخ وكل المخلصين نستطيع مواجهة التحديات كل من موقعه من خلال المؤسسات والعمل الديني والحواري والانفتاح الدائم على الطوائف الشريكة في الوطن لتثبيت هويتنا التوحيدية والوطنية بعيدا من شتّى اساليب الانعزال والتقوقع، للوصول الى الاهداف المنشودة وتوفير الاستقرار والأمان لطائفتنا المعروفية ولوطننا العزيز”.
بعد ذلك انتقل شيخ العقل والوفد الى بلدة عماطور، مقدّما التعازي بعماد وهيب أبو شقرا، ليتوّجه الى بلدة باتر حيث زار قاضي المذهب الدرزي الشيخ سليمان غانم، في حضور جمع من المشايخ والأهالي، ثم منزل مفوض الحكومة لدى مجلس الانماء والاعمار السابق الاستشاري وليد صافي الذي أقام له استقبالا حاشدا في منزله، بمشاركة المشايخ وعدد كبير من الفاعليات المختلفة الدرزية والمسيحية والمجلسين البلدي والاختياري ومؤسسات البلدة، وألقى صافي كلمة ترحيب بشيخ العقل الذي “عرفناه في مقدمة الصفوف التي دافعت عن هذه الارض وحمت الجبل بتنوعه، وفي العرفان جامعا بين العلم والتطور والمعرفة والسلوك التوحيدي، وفي نضاله لاجل الدولة والقانون والمواطنة التي يتساوى بها الجميع، وصولا الى التزكية في مشيخة العقل حيث كانت الثقة التي وضعها الموحدون ووليد جنبلاط وتيمور جنبلاط في مكانها فأعطيتم الموقع حقه وحافظتم عليه، وبقيتم من الداعين الى الحوار والتلاقي في ظل استحقاقات ننتظر منها الفرج
ورد أبي المنى بكلمة شكر فيها الاستقبال، وقال: “عشنا تلك المرحلة معا كل من موقعه ومما يراه غاية سامية لتحصين هذا الجبل والوطن والعيش الواحد والمشترك والحفاظ على الوجود، وكانت مرحلة صعبة ممرنا بها “تنذكر وما تنعاد” واجه خلالها الأخ أخاه بما فُرض على الوطن وابنائه من مشاريع خارجية وربما اطماع داخلية. واكبنا المرحلة وكل مراحل الدفاع عن الارض وصولا الى المصالحة الوطنية التي عقدها وليد بك والبطريرك الراحل نصرالله صفير وواكبها المشايخ، وقمنا بواجبنا وعبرنا عن رغباتنا الصادقة بتحقيق المصالحة وتحصين الجبل وعودته الى حقيقته. هذه هي رسالتنا”.
أضاف: “دورنا في مشيخة العقل توحيدي على مستوى الطائفة وإنساني وثقافي واجتماعي في الوطن لصونه وتأكيد حضورنا كموحدين بالشراكة مع الجميع وهذه مهمة وطنية أيضا. فقوة أي طائفة تترجم بمدى شراكتها مع باقي الطوائف، وهذا ما يحرص عليه وليد بك دائما ونحرص عليه من موقعنا الروحي وفي مد اليد للتشارك مع الجميع بالمواقف المعتدلة التي تحافظ على الوطن ومقوماته، بالتوازي مع السعي الى التطور والتقدم. فان كنا نمر اليوم بمراحل صعبة سنبقى نعمل لاجل الحفاظ على الثوابت، وفي ظل استحقاقات آتية كبيرة ومهمة ندعو المسؤولين جميعا لكي تكون وفقا لما هو منصوص في القانون والدستور المدخل لانقاذ الوطن أكان من خلال تشكيل حكومة جديدة أو في اختيار رئيس للجمهورية، نصلي لكي يلهم الله الجميع الى الصواب من اجل تحقيق المرجو”.
وانتقل بعدها الى القاعة العامة للبلدة حيث اقيم له استقبال كبير من المشايخ والأهالي وفاعليات ووجهاء البلدة بينهم قاضيا المذهب الشيخين سليمان غانم وفؤاد حمدان، وبعد كلمتين من المربي رجا ابو حسين وسائس مجلس البلدة الشيخ نبيل غانم مرحبين ومقدّرين الزيارة، ألقى غانم كلمة حيا فيها “مواقف شيخ العقل خصوصا في الظروف الصعبة الراهنة التي تعصف بالوطن وابنائه، فنراه يسلك مسار السلف الصالح وقد كان من أعمدة مؤسسة العرفان التوحيدية وترأس لجانا في المجلس المذهبي وضمن الفريق العربي للحوار وفي اتحاد المؤسسات التربوية وجولاته التواصلية مع الخارج، كل تلك الفضائل استحق قطافها وارتقى في أرفع منصب، وهو يعمل اليوم لكرامة المقام ولم الشمل ووحدة الصف والموقف”.
ثم ألقى أبي المنى كلمة حيا فيها البلدة وابناءها، قائلا: “نحن في المجلس المذهبي ومشيخة العقل ومع قيادة هذا الجبل التي ترعى الوجود، مطمئنون على الوطن وعلى وجودنا فيه، وان شاء الله الى مستقبل افضل مهما كانت الصعوبات، إنما علينا مواجهة التحديات بالتماسك والتعاضد للحفاظ على العائلة التوحيدية أولا ومن خلال الايمان كمنطلق الحفاظ على إرثنا الاخلاقي قبل أي شيئ آخر، بما نحمله من مناقب وفضائل انسانية واجتماعية لزرعها في اجيالنا، ثم الثبات في الارض والوطن. نتمسك ببلدنا ونكون شركاء حقيقيين وتكون المواجهة بالشراكة مع اخواننا في الوطن، لذلك نطمئن الى المستقبل لاننا ثابتون في الايمان والاخلاق والوطنية ومواجهة تحديات العصر والعولمة والفوضى الكونية الحاصلة”.
وتابع: “علينا المواجهة بالتربية الاخلاقية والاجتماعية والفكرية لتحصين عائلاتنا واجيالنا ومجتمعنا وشتى أنواع الانفتاح، ولا يكون ذلك بالتقوقع والانغلاق إنما بالوعي والعلم والتمسك بالثوابت، فاذا كان من تغيير يجب ألا يكون على حساب الثوابت والمرتكزات والجذور الثابتة. أما في موضوع الحوار الاسلامي – المسيحي فلنا رؤية ورأي بأن الحوار واجب وضرورة وخصوصا في بلد متنوع فهو ليس تخليا عن هوية روحية ذاتية أو ايمان وقناعة ولكن بالتعرّف على الآخر والتفاهم معه والاحترام المتبادل، إذ هناك حاجة انسانية ملحّة كي نتلاقى على قواسم اجتماعية مشتركة، فهو حوار الحياة لكي نعيش معا لبناء حياة وطنية مشتركة، وانتم في باتر تجّسدون تلك القيم مع باقي العائلات الروحية في هذه البلدة. ونحن نعمل في هذا الاتجاه والتقينا اصحاب الغبطة والسيادة في البلمند قبل يومين والجنوب الأسبوع الماضي ومع أصحاب السماحة، لنؤكد على تلك القيم والثوابت وتعزيز أواصر الاخوّة والمحبة، لذا حافظوا على هذا الكنز والارث ولتبق باتر بلدة نموذجية بين عائلاتها الروحية والمجتمعية”
بعد ذلك شارك شيخ العقل في لقاء ديني موّسع في البلدة.
وكان أبي المنى شارك في تشييع رئيس بلدية قبيع أكرم الاعور على رأس وفد من المشايخ، بمشاركة النائب هادي ابو الحسن ووكيل داخلية الحزب التقدمي الاشتراكي عصام المصري وفاعليات من المنطقة والبلدة وحشد من المشايخ والاهالي، وأم الصلاة على جثمان الفقيد الذي ووري الثرى في مدافن العائلة في البلدة.