لم تكد الأسواق تمتص مفاعيل بيان حاكم مصرف لبنان حول توقفه عن شراء الدولار ابتداء من اليوم، حتى سربت أوساط مقربة من المصرفيين نية المركزي رفع قيمة السحوبات باللولار إلى 15 ألف ليرة. خطوتان يُفسر الهدف من ورائهما المستشار المالي د. غسان شماس: “تبريد الدولار”. وذلك بعد الافراط في تسخينه في الأيام القليلة المنصرمة على “نار” طباعة آلاف المليارات من الليرات. فـ”من جهة ينخفض سعر الصرف موقتاً في السوق الموازية، ويهدّئ من جهة ثانية المودعون سحوباتهم بانتظار رفع قيمة الدولار المصرفي. فينخفض الطلب على النقد الصعب ويلجم سعر الصرف مرحلياً”.
محاولة تخفيض سعر صرف الدولار في السوق الموازية، ورفع قيمة الدولار المصرفي إلى 15 ألف ليرة، لا يمكن فصلهما عن بعضهما البعض. فرفع قيمة “اللولار”، سيكون من دون جدوى مع تجاوز سعر الصرف عتبة 40 ألف ليرة، ولن يلقى القبول المطلوب خلال استمرار الدولار بالارتفاع”، من وجهة نظر شماس. وهو قد يكون أحد الاسباب الموضوعية لضخ المركزي الدولار في السوق لتخفيض سعر الصرف، والادعاء بالتوقف عن شراء الدولار عبر “المنصة”. هذا من ناحية الشكل، أمّا في المضمون فهناك قطبة مخفية يفضحها عدم تحديد المركزي الفترة التي سيتوقف فيها عن شراء الدولار، رغم ذهاب معظم التقديرات إلى أنها ستكون قصيرة، والغاية منها “هز عصا” التوقف عن شراء الدولار من الصرافين.
إضافة إلى هذين العاملين المستجدين، برز خلال الاسابيع الماضية معطيان: الاول مالي، تمثل في الاعلان عن قرب رفع سعر صرف الدولار الرسمي إلى 15 ألف ليرة. والثاني نقدي، وتمثل في تعميم مصرف لبنان الوسيط رقم 646، والذي طلب فيه من المقترضين تسديد القروض بنفس عملة القرض. و”هو ما يعني إعطاء المقترضين المجال للتفاوض مع المصارف وتسديد ديونهم على أساس سعر صرف 1500 ليرة قبل أن يتغير السعر الرسمي”، يقول الخبير الاقتصادي جان طويلة. بيد أن كل هذه الاجراءات برأي طويلة “لن تحل المشكلة، ولن تستطيع حتى التوصل إلى توحيد سعر الصرف. لا بل ستمثل إضافة سعر صرف جديد على الاسعار القائمة، لأنها لا تسمح للسوق بان يتحكم في هذه العملية”، وبالتالي هي تمثل هروباً سلطوياً من مواجهة المشاكل الاكبر، في حين أن المطلوب هو إجراءات إصلاحية جوهرية اقتصادية مالية ونقدية، تسمح بحل الازمة، واعتماد توجهات سليمة تؤمن الاستقرارين الاقتصادي والاجتماعي.