Nouvelles Locales

الثنائي التعطيلي

صلاح تقي الدين

تشكيل الحكومة على الرئيس ميقاتي، متناسياً مقولة شعبية مفادها أن “الشمس طالعة والناس قاشعة” بحيث أن محاولته إلباسها للرئيس المكلّف لم تعد تنطلي إلا على أنصار التيار والمغالين في تمجيد الرئيس وصهره.

هل إن تشكيل الحكومة يقع على عاتق الرئيس المكلف أم أن رئيس الجمهورية شريك في هذه العملية؟ فإن كان كذلك، على الحكومة حين تمثل أمام المجلس النيابي ويحجب عنها الثقة التي تمكنها من مباشرة عملها، أن تكون هذه الثقة قد حجبت عن الشريك في التشكيل أي رئيس الجمهورية، هذا ما يقوله المراقبون الذين يعتبرون أن صلاحية رئيس الجمهورية في توقيع مراسيم تشكيل الحكومة لا تجعله شريكاً في تشكيلها، لكن الديموقراطية التوافقية التي درجت العادة على ممارستها في لبنان، تعطي رئيس الجمهورية الحق في إبداء الملاحظات أو الاعتراض على تسمية وزير أو أكثر من دون أن “يبتز” الرئيس المكلف بعدم التوقيع على مرسوم تشكيل الحكومة التي يقدمها له.

هذه واحدة من وجهات النظر المضادة لوجهة نظر القصر الجمهوري و”مفبرك التفسيرات الدستورية” فيه المستشار الأكبر، والتي تقول إن الرئيس شريك كامل في تشكيل الحكومة. في جميع الأحوال، إن تعطيل تشكيل الحكومة عشية الأيام القليلة المتبقية على نهاية العهد، سيدخل البلاد في أزمة لم يبشر بها سوى الصهر وسمّاها “فوضى دستورية” والله عليم بمآل الأمور بعدها.

ولو كان التعطيل يطاول تشكيل الحكومة في الأيام القليلة الباقية من ولاية عون، لكان يمكن تمرير هذا “التعطيل” على اعتبار أن الاستحقاق الأهم هو انتخاب رئيس جديد للجمهورية، الا أن هذا الاستحقاق معطّل أيضاً بسبب “حلم إبليس بالجنة” وهو أن يخلف جبران عمه على كرسي بعبدا.

لماذا يعطّل جبران انتخابات الرئاسة؟ لأنه يرفض وصول سمير جعجع وسليمان فرنجية وميشال معوض أو أي شخصية مارونية أخرى، فهو يصرّ في مواقفه على أن يتمتع الرئيس بـ”حيثية شعبية ونيابية” كحجة لاسقاط مواصفات الرئيس عليه دون غيره. ولا يمكن عدم ربط موقف باسيل من الانتخابات الرئاسية بشروطه الحكومية، إذ يعلم علم اليقين أن الشغور الرئاسي واقع لا محالة لذلك يتشدّد في مطالبه الحكومية لكي يتمكن من التحكّم بعمل الحكومة خلال فترة الشغور وتحسين ظروفه لكي يترشّح إلى المنصب الأول في الجمهورية.

التعطيل لم يعد هواية لدى “الثنائي” لكنه أصبح نهجاً سيستمر في اللجوء إليه طالما أن المطالب التي يرفعها لم تتحقق وبالتالي لا يعير أي اهتمام لمصير البلاد والعباد نتيجة هذا الواقع المرير، والأنكى أن جبران يعتبر أن هذا الوضع الذي بكل أريحية يتحمّله بنفسه إلى جانب عمه، سيزيد من معاناة الناس، كل الناس وسيستمتعان بمشاهدة لبنان يحترق كما فعل نيرون بروما.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى