
ماغي حمود ملاكٌ حارس للبنان
لقد باتت كتابة أخبار الموت أمر شبه يومي في لبنان، ولقد بات الفقدان، واللّوعة والحسرة أمر اعتيادي، فقط لأنّنا نعيش في بلد يحاصرنا داخله مافيات لا تعرف معنى الرحمة والإنسانية.. السّكين وصل إلى رقاب أطفالنا، فما ذنب الطفولة في ما يحصل، وما هو ذنب ماغي محمود تلك الملاك التي دفعت فاتورة بطش المسؤولين؟
التّربية لم تدفع فقط من كرامة المهنة وكرامة المربين، بل ها هي اليوم تدفعُ الفاتورة دماً.. دمُ طفلة بريئة، ذنبها الوحيد أنّها حلمت بهذا البلد المنكوب، وحكموا عليها بالقتل هي وأحلامها..
بلدٌ يتهاوى، وتتساقط أعمدته، العامود تلو الأخر، ومن دون أدنى إحساس بالمسؤولية… لماذا؟ فقط لأنّنا نعيش تحت بطش وحكم بضعة من الفاسدين الذين يلهون لهواً بدمنا وحياة أولادنا.
ليلة قاتمةٌ حلّت على طرابلس ولبنان، فماغي لم تعلمْ بأنها اللحظة الأخيرة، والوداع الأخير.. لم تعلم بأنها نظرة الأم الوداعية.. لم تعلم بأنّها ستودع زميلاتها.. لم تعلم بأنّها ستودع معلميها.. لم تعلم كل ذلك لسبب واحد فقط، لأنها تعيش وسط غابة، لا مسؤول فيها، ولا حريص ولا رقيب.
لم تسلم طرابلس لا من بحرها الذي أغرقَ ناسَهُ، ولا من مدارسه التي من المفترض أن تكون ملجأً آمنًا لأولادنا.. حسرة طرابلس لم تهدأ يوما، فلا الفساد تركها، ولا الموت غاب عنها، ولا الدمع نشف عن خدّيها.
لم يقتلوا اليوم ماغي، لا بل هم استكملوا بجرائمهم التي اعتادوا عليها، ليقتلوا معها حلم التربية والمستقبل في لبنان.