Nouvelles internationales

بحاجة إلى معجزة اقتصادية.. هل يمتلك سوناك العصى السحرية لإنقاذ سمعة بريطانيا المالية؟

الجزيرة

تواجه بريطانيا أزمة اقتصادية غير مسبوقة، ولذلك اختار محرر الشؤون السياسية في قناة “آي تي في” (ITV) البريطانية روبرت بيتسون، وصف الحالة الاقتصادية التي تمر بها إنجلترا حاليا كأنها “فيلم رعب اقتصادي تعيشه المملكة المتحدة”، تحديدا بعد قرار البنك المركزي البريطاني (BANK OF ENGLAND)، رفع سعر الفائدة بنسبة 0.75% لتصل إلى 3%، وهي أعلى زيادة منذ عقدين تقريبا.

يدرك ريشي سوناك منذ لحظة إعلانه الترشح لزعامة حزب المحافظين البريطاني، حالة الانهيار التي يعيشها اقتصاد بلاده نتيجة أخطاء سلفه ليز تراس، وهو يعلم أن مهمته لن تكون سهلة فهو بالفعل بحاجة لما يشبه المعجزة لإنقاذ سمعة بريطانيا المالية وإصلاح ما يمكن إصلاحه، وتعهد بذلك بالفعل في خطابه الأول بعد توليه منصبه، بأنه سيتخذ قرارات صعبة ومؤلمة لإنعاش الاقتصاد.

وتترقب أسواق المال والأعمال، إعلان سوناك لخطته الاقتصادية، التي أجّلها لأسابيع، حيث كان من المفترض أن يكشف عن تفاصيلها يوم 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي قبل أن يعلن عن تأجيل إعلان الخطة إلى 17 من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وهي تعد خطة حياة أو موت للاقتصاد البريطاني.

وضع الاقتصاد البريطاني

أعلن البنك المركزي البريطاني أن البلاد سوف تدخل أطول ركود في تاريخها قد يمتد إلى منتصف سنة 2024، مؤكدا أن المؤشرات الاقتصادية تزداد تدهورا، في أسوأ أزمة يواجهها الاقتصاد البريطاني يواجه منذ 30 عاما، وهو ما دفعه لرفع الفائدة بنسبة 0.75%.

السبب الرئيسي وراء إجراءات المركزي البريطاني ارتفاع نسبة التضخم التي وصلت إلى 10%، وأكد البنك في بيانه أنه سيواصل رفع الفائدة التي قد تصل إلى 5.25%، كمحاولة لخفض التضخم، وعودته مجددا لنسبة 6% التي تعد أعلى معدل فائدة مسجل منذ 40 عاما.

كذلك ارتفعت نسبة الفقراء في بريطانيا لتصل إلى 22%، وهو ما يعادل 14.5 مليون شخص، حسب مؤسسة “جوزيف رونتري” (Joseph Rowntree Foundation) والتي توقعت أن يزيد عدد الفقراء في حال عدم إقرار أي حزمة مساعدات جديدة بحوالي 450 ألف شخص، إضافة إلى 250 ألف شخص سينتقلون لخانة الفقر المدقع

وستزيد قرارات المركزي البريطاني من معاناة البريطانيين الذين لديهم قروض، حيث سيواجهون أكبر صدمة في مجال القروض منذ 30 عاما، حيث سيواجه حوالي 4 ملايين بريطاني زيادة في أقساطهم الشهرية.

كما تواجه ميزانية الدولة عجزا أو ما يصفه الاقتصاديون “بثقب ضريبي” يصل إلى 50 مليار جنيه إسترليني، نتج عن الإعفاءات الضريبية التي منحتها الدولة خلال فترة جائحة كورونا.

كيف سيواجه سوناك كل هذه الأزمات؟

منذ أن كان سوناك وزيرا للخزانة وهو يحمل عقيدة اقتصادية واضحة، تقوم على التحكم في الإنفاق الحكومي، والزيادة التدريجية في المداخيل الضريبية، ولهذا فمن المتوقع أن يعلن وزير الخزانة جيرمي هانت عن خطة تعيد ثقة المستثمرين في الاقتصاد البريطاني، بعد أن تراجعت ثقتهم بسبب “الميزانية المصغرة” التي وضعتها رئيسة الوزراء السابقة ليز تراس، لكن في المقابل دون مفاقمة معاناة المواطنين بشكل أكبر.

وسيكون الهدف هو توفير المال، من أجل تغطية العجز في الميزانية، والوصفة الجاهزة هي تقليص الإنفاق العمومي، والرفع من المداخيل الضريبية.

وعلى جميع المرافق الحكومية أن تتوقع خفضا في ميزانيتها، باستثناء قطاعين، وهما الدفاع والصحة اللذان وعد سوناك بأن ميزانيتهما سوف ترتفع.

وحسب بعض التسريبات الإعلامية فإن خطة جيرمي هانت سوف تقوم على 50% خفضا للإنفاق الحكومي بهدف توفير 25 مليار جنيه إسترليني خلال العام الجاري.

المتضررون من خطة سوناك؟

حذرت أولفييه دي شوتر المقررة الأممية للفقر، ريشي سوناك من أي إجراءات قد تمس بالطبقة الفقيرة، وهو ما ردت عليه الحكومة البريطانية بأنها تجهز صرف عشرات المليارات من الجنيه الإسترليني للتخفيف عن كاهل المواطن البريطاني وعبء فواتير الطاقة.

إلا أن أكثر فئة سوف تتضرر هي الموظفون الحكوميون، حيث تواجه البلاد إضرابات في قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم والنقل، خلال هذا الشهر والشهر المقبل، في مواجهة تعنت الحكومة ورفضها لأي زيادة في الأجور، وحذرت المدارس البريطانية من أنها تواجه أسوأ أزمة في التمويل من 3 عقود

وسيكون على الاقتصاديين البريطانيين نسيان الحديث عن كلمة النمو الاقتصادي، ذلك أن تقليص الإنفاق الحكومي، يعني توقف عجلة النمو، وهو ما يحذر منه عدد من الخبراء الاقتصاديين، ويعني الدخول في حلقة مفرغة، إذ من دون نمو لن ترتفع مداخيل الدولة، مما يعني أنه في كل سنة سيكون على الحكومة أن تقلص الإنفاق الحكومي وترفع من الضرائب.

من أين ستأتي المداخيل الضريبية الجديدة؟

حسب وكالة بلومبيرغ فإن وزير الخزانة جيرمي هانت، سوف يرفع الضرائب على أرباح المساهمين في الشركات، وذلك للحصول على حوالي نصف مليار جنيه إسترليني، إضافة للرفع التدريجي من الضريبة على الدخل بالنسبة للأفراد.

ويبقى السؤال الأهم هو حجم الزيادة الضريبية على الشركات خصوصا شركات الاتصالات والقطاع المالي وشركات الطاقة، التي تقول المعارضة إنها حصلت على أرباح كبيرة خلال السنوات الماضية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى