Nouvelles internationales

كوب 27: منظمات حقوقية وخبراء في الأمن السيبراني “يتهمون” مصر باستخدام التطبيق الخاص بالقمة للتجسس

وجه الكثيرون ومن بينهم منظمات غير حكومية وخبراء في الأمن السيبراني انتقادات شديدة لتطبيق الهواتف الذكية الرسمي الذي وضعته السلطات المصرية “لمساعدة” المشاركين في مؤتمر قمة المناخ العالمية “كوب 27″، الذي افتتح الأحد الماضي في مدينة شرم الشيخ. و”يتهم” هؤلاء السلطات المصرية باستخدام هذا التطبيق للتجسس على المشاركين في القمة.

في السادس من نوفمبر/تشرين الثاني، افتتحت قمة المناخ العالمية “كوب 27” أعمالها بمدينة شرم الشيخ المصرية في ظل أجواء رقابية مشددة. وحذرت جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان وخبراء الأمن السيبراني من استخدام تطبيق الهواتف الذكية الرسمي المتاح للمشاركين في أعمال هذه القمة. ويعتقد هؤلاء أن هذا التطبيق ما هو إلا أداة تجسس تخدم نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

“إن ما يزعجنا ليس التطبيق الرسمي للأمم المتحدة؛ وإنما التطبيق الذي طورته الحكومة المصرية”، تقول كاتارينا رال، التي شاركت في تحقيق “هيومن رايتس ووتش” عن الإجراءات القمعية التي اتخذتها السلطات المصرية قبل قمة “كوب 27”.

حق الوصول إلى كل شيء، وفي أي وقت

من المفترض بهذا التطبيق المصري، الذي دخل الخدمة منذ 24 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أن “يحسن تجربة جميع المشاركين في كوب 27”. فهو يقوم بإدارة حجوزات الطيران والفنادق والإجراءات الصحية المتعلقة بكوفيد-19 ومواعيد المشاركة في الاجتماعات وجداول المفاوضات والطاولات المستديرة.

اجتذب هذا التطبيق المتكامل بالفعل أكثر من خمسة آلاف مندوب وزائر (من إجمالي 44 ألف مسجل)، مطمئني النفس من حقيقة أن هذا التطبيق المصري يتم الترويج له على الموقع الرسمي للأمم المتحدة لقمة المناخ كوب 27. هذا الترويج في حد ذاته “مثل لنا مشكلة كبيرة، ولنا الحق في التساؤل: لماذا لم تتحقق الأمم المتحدة من أمان هذا التطبيق؟”، تقول كاتارينا بأسف.

فخبراء الأمن السيبراني لم يستغرقوا كثيرا من الوقت قبل اكتشاف “أنه يتعلق بأداة شريرة متنكرة في صورة تطبيق للهواتف الذكية”، كما تقول جيني غيبهارت، مديرة مؤسسة الحدود الإلكترونية، في حديثها لصحيفة الغارديان البريطانية.

فمن الصعب جدا أن يتصور المرء أن الأمر يتعلق بأداة شديدة التطفل كهذه تطلب حق الوصول إلى “كل وسائل الاتصال على الهاتف الذكي مثل: البلوتوث، والموقع الجغرافي، والكاميرا، والميكروفون، ودفتر العناوين وحتى NFC (الاتصال عن قرب بدون شبكة – أسرة التحرير)”، يقول فرانز أمبيرت فير، رئيس شركة أوبكوم السويسرية المتخصصة في الأمن السيبراني والتي قامت بفحص التطبيق الذي طوره المصريون.

من الصعب التخلص منه بعد إزالته

لا يقوم هذا التطبيق بتنبيه المستخدم بأنه يريد حق الوصول إلى هذه الخدمة أو تلك على الهاتف الذكي كما تفعل كل التطبيقات الأخرى. وفي هذه الحالة فإن، كما يشدد فرانز أمبيرت فير، “المستخدم يوافق على شهادة ثقة غير محددة المدة”. وبعد الموافقة التي يعطيها المستخدم فإن نظام تشغيل الهاتف يفترض أن للتطبيق الحق في فعل ما يحلو له.

وبصورة ملموسة، فإن هذا التطبيق يقوم بنقل بيانات تحديد الموقع الجغرافي والصور الملتقطة والرسائل القصيرة المتبادلة ويسمح بالوصول إلى محتوى رسائل البريد الإلكتروني، كما تشير صحيفة الغارديان، التي نفذت تقييمها الخاص بأمان هذا التطبيق شبه التجسسي.

بينما يحذر فرانز أمبيرت فير بالقول إن المستخدم لا يحق له ببساطة رفض السماح بالوصول إلى وظائف معينة إن أراد استخدام التطبيق. فإما كل شيء أو لا شيء، حتى مع تأكيد الكثير من الخبراء من أن هذا التطبيق لا يحتاج الوصول إلى رسائل البريد الإلكتروني أو الميكروفون، على سبيل المثال، وذلك بالنظر لنوع الخدمات التي يقدمها.

بالإضافة إلى ذلك “لا يكفي إلغاء تثبيت التطبيق للتخلص منه”، تحذر كاتارينا رال، من هيومن رايتس ووتش. فالأدوات التي تجعل من الممكن التجسس على الاتصالات تستمر في الوجود على الهاتف الذكي. ثم يضيف فرانز أمبيرت فير قائلا “من الضروري إعادة ضبط إعدادات نظام تشغيل الهاتف [عملية تنظف فقط جوهر الهاتف الذكي – أسرة التحرير] لإعادة ترتيب كل شيء”.

على خطى الصين وقطر

وهكذا طورت السلطات المصرية تطبيق التجسس الإلكتروني الصغير المثالي الذي يصعب التخلص منه والذي، بالإضافة إلى ذلك، يتسلل بموافقة الضحية.

تعد قمة المناخ “كوب 27″، لنظام السيسي “فرصة فريدة من نوعها لتحديث جميع معلوماته وبتكلفة منخفضة، عن الدبلوماسيين وكبار الشخصيات في الدول المشاركة في هذا الحدث. إضافة إلى ذلك، فهي وسيلة سريعة وأكثر موثوقية من القيام بعمل تجسس ميداني كامل، فالمعلومات تأتي مباشرة من الضحية!”، كما يؤكد فرانز أمبيرت فير.

كما أنه سلاح إضافي للتجسس على نشاط المعارضة الداخلية. “يجب ألا ننسى أن بعض المشاركين في قمة كوب 27 هم من المنظمات المحلية، كما أن معظم المنظمات غير الحكومية الدولية تعمل أيضا مع النشطاء المصريين”، تؤكد كاتارينا رال.

وتخشى منظمة هيومن رايتس ووتش من أنه في بلد تعتبر فيه المنظمات غير الحكومية عشرات الآلاف من المعتقلين سجناء سياسيين، وإضافة للاعتقالات الكثيرة الأخرى التي تمت قبل انعقاد قمة كوب 27، يمكن استخدام أداة مثل هذا التطبيق لزيادة القمع ضد المعارضين.

مصر ليست أول دولة تتهم باستخدام تطبيق رسمي يخص حدثا كبيرا مثل هذه القمة لأغراض التجسس. فقبل ذلك، طلبت الصين من الرياضيين والمشاركين في الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين في فبراير/شباط 2022، تحميل “ماي 2022″، وهو تطبيق تطفلي أيضا.

وهو سيناريو مماثل لفعالية كأس العالم لكرة القدم المقامة في قطر والتي ستبدأ بعد أقل من أسبوعين. فهناك تطبيقان هما “احتراز” – الخاص بكوفيد-19 – و”هيا” (لمتابعة أخبار المونديال) – تم انتقادهما بشدة بالفعل لإتاحتهما وصولا واسع النطاق للسلطات القطرية إلى المعلومات على الهواتف الذكية.

أمثلة عديدة تشير إلى أن الأنظمة الاستبدادية تستخدم بشكل متزايد الفعاليات الكبرى التي تنظمها كمنصات لتوسيع نطاق مراقبتها الإلكترونية.

فرانس24/ سيباستيان سايبت 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى