Nouvelles Locales

متى يكشف “حزب الله” أوراقه الرئاسية؟

بات واضحاً بعد الجلسات العقيمة الخمس لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، أن هذا الأمر لن يبت قبل أن يعلن الممسك بقرار فريق الممانعة أي “حزب الله” عن مرشحه الرئاسي والذي على الأرجح سيكون رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، وفقاً للمواصفات التي حددها الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله في إطلالته بمناسبة يوم الشهيد، من دون أن يقفل الباب مع ذلك على مرشح يصار إلى التوافق حوله مع باقي المكونات السياسية.

 

ووفقاً لتركيبة المجلس النيابي الحالي المنقسم بين جميع مكوناته، حيث المعارضة مشتتة والسياديون منقسمون وفريق الممانعة لم يتوحد بعد حول مرشح واحد، يبدو أن إمكان الوصول إلى حسم لمسألة انتخاب رئيس للجمهورية بناء على ما نص عليه الدستور بنسبة الثلثين في الدورة الأولى، والغالبية المطلقة أي النصف زائد واحد في الدورة الثانية، لن يتحقق على الأقل خلال الجسلة المقبلة التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري بعد غد الخميس.

 

بالنسبة الى المعارضة، فإن اجتماع فرقائها حول المرشح النائب ميشال معوض لم يكن صلباً بحيث أن أحزاب “القوات اللبنانية” و”التقدمي الاشتراكي” و”الكتائب” التي تقف بقوة خلف معوض، لم تتمكن من حشد أصوات السياديين والتغييريين حوله، لاسيما أن التغييريين أنفسهم انقسموا إلى فريقين معلنين وفريق ثالث يغني على ليلاه.

 

فـ “القوات” ونوابه الثمانية عشر و”التقدمي” ونوابه الثمانية و”الكتائب” ونوابه الأربعة ثابروا منذ الجلسة الأولى على الاقتراع لمعوض وانضم إليهم في الجلسات التالية بعض النواب من السياديين المستقلين كما يطلقون على أنفسهم وبعض نواب كتلة “الاعتدال الوطني” أي السنة الذين كانوا محسوبين على تيار “المستقبل” فتمكنوا في الجلسة الخامسة من تجيير 44 صوتاً لصالح معوض، وقد يصل هذا العدد إلى 50 صوتاً لو أن بعض النواب الذين أعلنوا سابقاً تأييدهم لمعوض لم يتغيبوا عن الجلسة لأسباب مختلفة.

أما فريق الممانعة الذي يضم كتلة “الوفاء للمقاومة”، و”التيار الوطني الحر”، وكتلة “التنمية والتحرير” و”المردة” والنواب المحسوبين من حلفاء “حزب الله”، فقد استمر في انتهاج أسلوب الورقة البيضاء وإن تراجعت في الجلسة الأخيرة بحيث لم يتجاوز عدد أصواتها الـ 47 ورقة، وكان صوت نائب رئيس المجلس النيابي الياس بو صعب المنتمي إلى “التيار الوطني الحر”، فاقعاً بحيث صوّت لصالح الوزير السابق زياد بارود. ويبدو إمكان توحد هؤلاء خلف مرشح واحد تجيّر جميع الأصوات لصالحه، صعب المنال لغاية اليوم بسبب الموقف “العنيد” لرئيس التيار النائب جبران باسيل.

 

فعند السياديين الذين يقفون خلف المرشح معوض، بدا أن إمكان الاستمرار في تأييده هش خصوصاً في ضوء تصريح رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط عقب اجتماعه إلى الرئيس بري، بحيث كان واضحاً أن انفتاحه على التوافق على مرشح غير معوض قابل للبحث الجدي متى صار بالإمكان إجراء حوار مع باقي مكونات المجلس النيابي للاتفاق على الخروج من نفق الشغور الرئاسي الذي هو الهم الأول بالنسبة الى جنبلاط، على الرغم من أنه شدّد على عدم اعتبار معوض مرشح تحدٍ، وهو السبب الذي يتذرع به فريق الممانعة لرفض وصوله إلى قصر بعبدا، ناهيك عن احتمال تخلي “القوات” عن معوض لصالح قائد الجيش العماد جوزيف عون.

 

أما بالنسبة الى كتلة “الكتائب” فإن موقفها غير واضح بالنسبة الى التخلي عن معوض والسير بمرشح “توافقي” خصوصاً وأن رئيس الكتلة النائب سامي الجميل، صريح جداً في موقفه العلني المعارض بشدة لـ “حزب الله” وضرورة الاتيان برئيس يكون أول بند على جدول أعماله هو طرح سلاح الحزب على الطاولة بغية توحيد البندقية اللبنانية بيد الدولة، وهذه مسألة معقدة يصعب على أي رئيس مقبل معالجتها قبل الوصول إلى توافق إقليمي حولها.

 

وفي المعلومات التي تسرّبت عن استمرار “حزب الله” في محاولة إقناع رئيس “التيار الوطني الحر” بترشيح فرنجية، فإن باسيل يرفض بشدة هذا الطرح وقد صارح السيد نصر الله بهذا الموقف ما أثار امتعاض الأخير من دون أن يعلّق آماله على احتمال قبوله في اللحظة الأخيرة بذلك.

 

غير أن السيد فتح الباب أمام احتمال التوافق مع باقي الكتل النيابية حول اسم قائد الجيش بعدما كال المديح لقيادة الجيش وضباطه وعناصره الذين يرفضون “الاملاءات الأميركية” حسبما قال، ما فتح المجال أمام التكهنات الكثيرة حول ما إذا كان هذا الكلام بمنزلة حرق أوراق عون أم التلويح به في مواجهة باسيل كخيار بديل.

 

ودعا نصر الله أيضاً إلى الحوار في سبيل التوافق على اسم الرئيس العتيد، وهي نقطة سيحاول الرئيس بري وفقاً لمصادره استغلالها من أجل تفعيل دعوته الى عقد حوار وطني للتوافق على شخصية قادرة على الوصول إلى بعبدا من دون أن تشكل استفزازاً لأي من الفرقاء السياسيين.

 

صار جلياً إذاً أن موقف “حزب الله” المتشدد حيال عدم وصول أي رئيس يشكل له هاجساَ هو مفتاح الولوج إلى جلسة انتخاب رئيس للجمهورية تأتي نتيجتها مثمرة، وذلك لن يتم قبل أن يعلن صراحة عن اسم مرشحه إلى الرئاسة الأولى على الرغم من أن رئيس كتلته النيابية النائب محمد رعد صرّح بأن الحزب يعمل لإيصال الرئيس الذي يريده إلى بعبدا.

 

لا يزال الحزب يمسك بمفتاح قفل الرئاسة كما يمسك بمفاصل قرار الدولة، لكنه يتجنّب تكرار “خطيئة” تعطيل البلد عامين وخمسة أشهر بغية إيصال الرئيس السابق ميشال عون إلى بعبدا، وهو لذلك يدرس جميع خياراته وقبل أن يعلن صراحة عن موقفه ستظل الجلسات التي يدعو إليها الرئيس بري عقيمة ولن ينتج عنها رئيس.

 

صلاح تقي الدين- لبنان الكبير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى