Nouvelles Locales

مفاجأة رئاسية قبل نهاية العام؟

صلاح تقي الدين_grandlb

بعدما عقد المجلس النيابي سبع جلسات فولكلورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، يستعد نواب الأمة لخوض الاختبار الثامن بعد غد الخميس ولا تبدو المعطيات مبشرة بإمكان إحداث خرق على هذا الصعيد، على الرغم من أن ميزان القوى في المجلس تغيّر بعد قرارات المجلس الدستوري الذي أنقص من نواب التغيير واحداً، وأضاف إلى كتلة الممانعة نائباً إضافياً.

وعلى الرغم من هذا التغيير الذي اعتبره بعض المراقبين سياسياً محضاً وليس دستورياً، قانونياً، إلا أن الكتلة السيادية فقدت عنصراً كان يمكن في حال “سقط” الوحي الالهي على النواب “التغييريين” أن ينضموا بأصواتها لصالح المرشح النائب ميشال معوض، ليشكلوا عددياً ما يقارب نصف عدد نواب المجلس، في حين أن الكتلة الممانعة بقيادة “حزب الله” سعيدة باستعادة النائب فيصل كرامي مقعده ليضاف إلى عدد الأوراق البيض التي يسجلونها في جلسات الانتخاب ورقة إضافية.

لكن برز في الأيام القليلة الماضية حراك تقوده “أوركسترا” الحزب وتدعو إلى التوافق على انتخاب رئيس، من دون أن تكشف فعلياً عن أن هذه الدعوة تدعو ضمنياً الفريق المؤيد للنائب معوض الى التوافق على رئيس تيار “المردة” النائب السابق سليمان فرنجية ليكون رئيساً، مقابل حراك غربي تقوده فرنسا بدعم أميركي – سعودي، باتجاه التوافق على قائد الجيش العماد جوزيف عون ليكون الرئيس التوافقي العتيد
وكان نائب الحزب الحاج علي عمار قد توجه عقب الجلسة الانتخابية الأخيرة بكلمات “غزل” الى عون لا يمكن إسقاطها من حسابات “اللافيتو” التي يروّجها الحزب على اسم قائد الجيش، لكن الأخير بقي لغاية اليوم متعففاً ولم يدخل في زواريب السياسة والترشيحات، مفضّلاً الاهتمام بالوضع الداخلي لمؤسسته التي تعاني مثل باقي مؤسسات الدولة من تدهور في الحياة المعيشية لأفرادها ما يضعها على محك التماسك والاستمرار.

من سيفوز بقصب السبق في النهاية؟ لا يمكن إسقاط أي من الأسماء الثلاثة من التداول، وبذلك يكون الطرح الذي أبداه الرئيس نبيه بري حول التوافق على “اسمين أو ثلاثة” قد سرى مفعوله، بحيث أن هذه الأسماء هي الأكثر تداولاً والتي يدور حديث التوافق على أحدها.

بالنسبة الى مرشح الفريق السيادي النائب معوض، فإن حظوظه تكاد تصنّف في خانة المستحيل، نظراً إلى عدم انضمام إحدى كتلتي “التغييريين” إلى “القوات اللبنانية” و”التقدمي الاشتراكي” و”الكتائب” وهي الكتل الرئيسة التي تقف خلف معوض بقوة لغاية اليوم، ناهيك عن أن الكتلة الممانعة ترفض ترشيحه بالمطلق، معتبرة أنه “مرشح تحدٍ” وسيكون أول ما يفعله هو طرح موضوع سلاح المقاومة على الطاولة تلبية لرغبة “داعميه” الاقليميين والدوليين.
وبالتالي، يعتقد بعض المراقبين السياسيين أن اسم معوض سيسقط بالتالي من التداول، ويعتبرون أن من الأفضل له أن يقوم هو بنفسه بسحب ترشيحه “لتلبية” طلب التوافق الذي كان أول من نادى به الرئيس بري وجاراه بذلك وشدّد عليه رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” النائب السابق وليد جنبلاط، ونظراً الى استحالة توحيد الأصوات “السيادية” خلفه وبالتالي عدم تمكنه من الحصول على النصف زائد واحد في الدورة الثانية متى عقدت.

وكذلك الأمر ينطبق على اسم فرنجية، فرئيس تيار “المردة” اسم مرفوض بالمطلق من رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، الذي يقوم بما في وسعه لحرق اسم فرنجية في جميع المحطات التي يزورها في الداخل والخارج، لكنه يبقى المفضّل لدى “الثنائي الشيعي” ولن تتوقف مساعي بري والأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله عن محاولات الوصول إلى توافق على اسمه، وتليين موقف باسيل في هذا الاطار، على الرغم من معرفتهما المسبقة بأن ذلك ضرب من المستحيل.

ويبقى اسم العماد جوزيف عون، فالرجل الذي أثبت كفاءة عالية وفعالية موصوفة في إدارة شؤون المؤسسة العسكرية الأم، والذي لم تبرز أي اعتراضات سياسية سواء على أدائه أو حتى على احتمال انتخابه رئيساً للجمهورية، جلّ ما في الأمر أن فكرة اللجوء إلى “عسكري” مرة إضافية ليقود البلد في ظل الأزمات المستفحلة التي يعيشها، تبدو “مستهجنة” لدى عدد من السياسيين وفي مقدمهم جنبلاط، ولعدم “استفحال” فكرة أن يكون كل ضابط ماروني مرشحاً “طبيعياً” لرئاسة الجمهورية أو أن يعمل لها منذ وصوله إلى قيادة الجيش.
ومع زيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى الولايات المتحدة تلبية لدعوة نظيره الرئيس جو بايدن، وعلى الرغم من الملفات الكثيرة التي سيخوضانها من حرب أوكرانيا إلى أزمة الطاقة والغذاء التي تعاني منها القارة العجوز، إلا أن الملف اللبناني، والرئاسي خصوصاً، سيأخذ حيزاً من مباحثاتهما لناحية المواصفات التي يجب أن يتمتع بها الرئيس، وربما تستعرض خلالها الأسماء المتداولة أو إسقاط اسم بالمظلة من خارج الأسماء المعروفة.

وسرت معلومات بأن الرئيس بري طلب من نواب كتلته عدم السفر لقضاء الأعياد خارج لبنان، ما يحمل تأويلات كثيرة من ضمنها إمكان حدوث خرق في الملف الرئاسي قبل نهاية العام، اضافة إلى ما أعلنه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من أن الحل أقرب مما يتصوره اللبنانيون، فهل يلمّح بذلك إلى احتمال انتخاب رئيس؟

وأشارت تقارير إعلامية إلى أن ماكرون قد يزور لبنان في فترة الأعياد لتفقد قواته العاملة في إطار قوات الطوارئ الدولية، لكن ربما تكون أيضاً مناسبة له لكي يحضر جلسة انتخاب الرئيس، ويكون بذلك قد أضفى على الاسم العتيد الدعم المطلوب دولياً وإقليمًياً ليقود سفينة إنقاذ لبنان من جهنم التي وعد بها الرئيس السابق ميشال عون… ووفى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى