Education

الفساد المالي السابق انفجر بالحلبي.. ومساعٍ لـ”ترضية” الأساتذة

وليد حسين -المدن

الفساد المالي السابق انفجر بالحلبي.. ومساعٍ لـ”ترضية” الأساتذة
وضع أحد المسؤولين في “التربية” الوزيرَ الحلبي في مواجهة مباشرة مع الأساتذة (مصطفى جمال الدين)

‏اعتذرت روابط التعليم الرسمي عن لقاء رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وذلك قبل ساعة من عقد اللقاء اليوم الثلاثاء في 10 كانون الثاني، بعدما نمي إليها عدم تجاوبه مع مطلب رفع المساعدات، بما يعرف ببدل الإنتاجية.

تضعضع رابطة الثانوي
وكانت روابط المعلمين دعت إلى إضراب عام في المدارس والثانويات مساء أمس، في محاولة لاستلحاق الشارع، و”انتفاضة الكرامة” التي قام بها الأساتذة في كل لبنان.
الفوضى التربوية التي حصلت كشفت يوم أمس، عن تضعضع صفوف رابطة التعليم الثانوي، بسبب تعدد الأطياف السياسية داخلها. فقد أصدرت رابطتا التعليم الأساسي والمهني بياناً دعت فيه إلى الإضراب لمدة أسبوع، بعدما تفلت شارع الأساتذة في كل لبنان ونفذوا إضرابات واعتصامات في مختلف المدارس والثانويات. وتبين أن الأحزاب غير قادرة على السيطرة على الوضع.
لم توقّع رابطة الثانوي على بيان الرسمي الذي صدر عن روابط التعليم، وأعيد وأضيف اسمها لاحقاً. فاعترض ممثلو حزب الله في رابطة الثانوي على هذا الأمر، لافتين إلى أنه لا يحق لأحد اتخاذ قرار باسم الهيئة الإدارية للرابطة بالإضراب، طالما أن هناك خمسة أعضاء في عداد المستقيلين، من ضمنها رئيسة الرابطة.

دور ممثلي حزب الله
ووفق مصادر الأساتذة، أوعزت التعبئة التربوية في حزب الله إلى مدراء الثانويات التابعين لها، لإصدار بيانات تدعو الأساتذة إلى الحضور إلى المدارس، وأن يوم الثلاثاء يوم تعليم عادي. وهذا ما حصل في مناطق الضاحية والبقاع والجنوب. لكن عادت الثانويات وأرسلت في وقت متأخر بلاغات إلى أساتذتها لعدم الحضور والإضراب. وأسوة بباقي الأحزاب استلحق حزب الله نفسه، لعدم انكشاف الوضع في الثانويات التي يسيطر عليها، لأن الغالبية العظمى من الأساتذة كانوا سيلتزمون بقرار الإضراب.
مصادر مطلعة على واقع رابطة الثانوي تشير إلى أنه منذ ثلاث سنوات يصرّ ممثلو حزب الله على فكرة التعليم ليومين في القطاع الرسمي، طالما أن الدولة غير قادرة على تحسين رواتب الأساتذة بما يتماشى مع غلاء المعيشة، رغم أن هذا القرار يؤدي إلى تدمير التعليم الرسمي. ولم يساير باقي أعضاء الهيئة الإدارية ممثلو حزب الله في هذا التوجه.
وتضيف المصادر، أن ممثلي حزب الله وقفوا ضد استمرار الإضراب قبل بدء العام الدراسي وأصروا على فتح الثانويات، فيما كان يفترض ممارسة المزيد من الضغوط لتحصيل المزيد من المكاسب حينها. ويوم أمس وفيما كانت روابط المعلمين تحاول الضغط على رئيس الحكومة ووزارة التربية من خلال الإضراب لمدة أسبوع، ذهب حزب الله إلى خيار فتح الثانويات. ما يؤدي إلى المزيد من ضعضعة ما تبقى من رابطة الثانوي.

محابو التعليم الخاص
واقع الحال في القطاع الرسمي، وفق أكثر من نقابي تربوي، هو أن لا روابط المعلمين قادرة على السيطرة على غضب الأساتذة، ولا القوى المعارضة قادرة على الإمساك بالشارع. وبالتالي، أي تحرك، سواء من خلال إضراب الروابط، أو التجمعات المناطقية غير الحزبية، لا حلول واقعية أمامه تفضي إلى تمرير العام الدراسي بأقل الخسائر الممكنة. ولا حتى وزارة التربية قادرة على فعل أي شيء لتهدئة الشارع.

مصادر مطلعة على المشاكل في وزارة التربية تشير إلى أن أحد المسؤولين المحابين للتعليم الخاص في وزارة التربية، أوقع بوزير التربية مرات عدة. فهو من أبرز المتحاملين على أساتذة التعليم الرسمي، ويصرّ على مواجهتهم، في وقت فشلت كل محاولات جلب الأساتذة إلى بيت الطاعة، بعدما تحولوا إلى جيوش من الفقراء. ولم يستدرك الحلبي الأمر طوال الفترة السابقة، إلى حين انفجار قنبلة الدولارات الخمسة في وجهه، من خلال انتفاضة الكرامة، التي عمت في كل مدارس لبنان. ليس هذا فحسب، بل إن ما يقوم به هذا المسؤول، من الذين يحيطون بالوزير، للضغط على الأساتذة من خلال التنبيهات والعقوبات أثبتت فشلها، ووضعت وزير التربية في مواجهة مباشرة مع الأساتذة، رغم كل مساعيه لمحاولة تأمين حوافز لهم، من الدول المانحة، وفشلت جميعها إلى حد الساعة.

عقبات تأمين الحوافز
مصادر مطلعة على تمويل الدول المانحة لوزارة التربية أكدت أن لا ثقة للجهات الدولية بالتقارير المالية التي سبق ورفعها مسؤولون في الوزارة مؤخراً. فعلى سبيل المثال طلب البنك الدولي تقاريرَ تتعلق بالشفافية المالية على مراحل عدة. فقد كان كلما رفع أحد المسؤولين في الوزارة تقريره، يعود البنك الدولي ويطلب معلومات إضافية. وفيما يعتبر هذا المسؤول أن البنك الدولي يتقصد وضع “العصي بالدواليب”، تلفت المصادر إلى أن الفساد المالي على مر السنوات في أموال الجهات المانحة، استدعى من البنك الدولي طلب تلك التقارير، التي ترتقي إلى محاولة إجراء تدقيق مالي جنائي في الأموال المنفقة سابقاً.
في المحصلة، الأبواب الدولية مقفلة أمام الحلبي، ولا أموال من الدول المانحة يستطيع الوزير الارتكاز إليها لتهدئة غضب الأساتذة، وكذلك الأمر بالنسبة لأبواب رئيس الحكومة بما يتعلق بدفع بدل إنتاجية للأساتذة. بمعنى آخر، كل الفساد المالي سابقاً انفجر بوجه الحلبي حالياً، وبات غير قادر على التصرف إلا بمنحة سابقة مخصصة لترميم المدارس (غير قرض البنك الدولي) وأموال صناديق المدارس. وبالتالي، عليه اجتراح حل يقضي بمنح الأساتذة نحو مئة دولار لمدة خمسة أشهر، لأنه من غير الجائز دفع أقل من تسعين دولاراً، كان يتقاضاها الأساتذة العام المنصرم. وثمة مساعي لتوزيع هذه الأموال بطريقة ما لتنفيذ هذا الغرض. لكن سبق ولزّمت الوزارة مدارس عدة لإجراء الترميم، ربما يعاد النظر بها لتحويلها إلى حوافز، وذلك عملاً بمبدأ الأساتذة أولاً، لتمرير العام الدراسي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى