Nouvelles internationales

العالم بدأ ينزلق نحو حرب عالمية ثالثة !!

بِ الدوليات- بقلم جورج ابو صعب

يقول فيلسوف الحروب الصيني سون تزو إن الحرب عمل متبدّل ومتطور تتداخل فيه عوامل كثيرة وتغيّر من طبيعته ومقوماته ونتائجه فيصبح من الصعب تقديم تعريف شامل للاستراتيجية …

انطلاقاً من هذا الكلام الحكيم يبدو من تطورات الأوضاع والمواقف السياسية الدولية أن الحرب الروسية في أوكرانيا تتجه نحو مرحلة بالغة الخطورة ومليئة بالتحديات العسكرية، ما دفع بالكثير من الدول الأوروبية وتلك العضو في حلف شمال الأطلسي الى رفع سقوف مساندة أوكرانيا عسكرياً، الأمر الذي يُنذر بإمكان تخطي الدعم الغربي والإطلسي لكييف بعضاً من الخطوط الحمر إن لم يكن أهمها.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غاضب من ارتفاع وتيرة الدعم العسكري الغربي والأطلسي لحكومة كييف الى حد حمل وزير خارجيته سيرغي لافروف بالأمس الى الإعلان عن حرب يشنّها الغرب والأطلسي على روسيا.

أمس في أوكرانيا، حصل تطور أمني كبير على جانب كبير من الخطورة تمثل بمقتل 18 شخصاً على الأقلّ بينهم وزير الداخلية الأوكراني وثلاثة أطفال من جرّاء تحطّم مروحية قرب روضة أطفال في منطقة كييف في مأساة “مروّعة”، كما وصفها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي طلب تحقيقاً مفصلاً فيها.

رئيس الشرطة الأوكرانية أعلن أن من بين الضحايا وزير الداخلية دنيس موناستيرسكي ومساعده الأول يفغيني ينيني والمسؤول في وزارة الداخلية يوري لوبكوفيتش الذين كانوا على متن المروحية مع ستة أشخاص آخرين، فيما الرئاسة الأوكرانية من جهتها أعلنت أن المروحية كانت متّجهة إلى الجبهة وبحسب نائب رئيس مكتب الرئاسة الأوكرانية كيريلو تيموشينكو فإن رحلة المروحية والمسؤولين فيها كانت باتجاه إحدى النقاط الساخنة في أوكرانيا حيث تدور المعارك.

هذه الحادثة المروّعة تزامنت مع سلسلة من المواقف والتصريحات الغربية والأطلسية ذات الطابع التحشيدي والتصعيدي أقل ما يمكن إن يُقال عنها آنها تشي بإمكان توسّع الحرب في أوكرانيا وتورط الغرب والإطلسي مباشرة فيها، فالأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ صرّح أمس أن داعمي أوكرانيا الغربيين سيتعهدون تسليمها أسلحة أثقل وأحدث، خلال اجتماع مهم في قاعدة رامشتاين الأميركية في ألمانيا، مضيفاً خلال منتدى دافوس الاقتصادي في سويسرا بأن الرسالة الرئيسية ستكون تقديم المزيد من الدعم والمزيد من الأسلحة الثقيلة والحديثة لكييف نظراً لأن القتال هو من أجل قِيَم الحلف.

بالتزامن، إدارة الرئيس جو بايدن تدرس وضع مركبات سترايكر المدرّعة ضمن حزمة مساعداتها التالية لأوكرانيا، فيما هولاندا تقرر إرسال منظومة صواريخ باتريوت الى كييف، وفرنسا تدرس إرسال دبابات لوكلير، وألمانيا قرّرت تزويد كييف بدبابات ليوبار الشهيرة والمتطورة.
البنتاغون من جهته، أعلن أنه من الصعب على أي طرف أن يغيّر الواقع على الأرض مع تجديد المساعدة لأوكرانيا على الصمود، نافياً في الوقت نفسه أن تكون واشنطن قد قالت إن القرم يجب أن تكون خارج نطاق الضربات الأوكرانية ضد القوات الروسية، وأكد من ثم على أن واشنطن تسعى مع الحلفاء لتزويد أوكرانيا بأسلحة تُغيّر ديناميكية الحرب في أوكرانيا من خلال تزويد كييف بأسلحة جديدة.

البيت الأبيض من جهته، أبدى اعتقاده أن إظهار قدرة كييف على تهديد سيطرة روسيا على القرم سيعزز موقفها التفاوضي …

من جهته، الرئيس زيلنسكي لا يبدي قلقاً بشأن أمنه الشخصي، وقد صرّح بذلك أمام المنتدى الاقتصادي العالمي مطمئناً الى أنه ليس قلقاً بشأن أمنه الشخصي بعد مقتل وزير داخليته في تحطّم مروحية، وقد جاء التصريح خلال جلسة أسئلة وأجوبة بالمنتدى المنعقد في منتجع دافوس السويسري حضرها الرئيس الأوكراني عبر الإنترنت .

المانيا من خلال المستشار الألماني أولاف شولتس تعهّدت بمواصلة دعم أوكرانيا، وفي نهاية خطابه سُئل المستشار صراحةً عن إرسال دبابات ليوبارد 2 التي طلبتها كييف، وأبدى العديد من البلدان ومن بينها بولندا استعدادها لتسليمها بشرط موافقة برلين، فكان جواب الزعيم الألماني بأن المانيا لا تدعم أوكرانيا بالوسائل المالية والمساعدات الإنسانية فحسب، بل أيضاً بالكثير من الأسلحة من دون أن يذكر شولتس كلمة “دبابات”، كما لم يدلِ بتصريحات حول الاجتماع الحاسم للدول الغربية المكرّس لمساعدة أوكرانيا والذي سيُعقد يوم الجمعة في القاعدة الأميركية في رامشتاين بألمانيا.

AP شولتز أشار الى أن ألمانيا تدعم أوكرانيان بالكثير من السلاح بداية الغزو الروسي، ومن ذلك قاذفات صواريخ ومركبات مدرعة من نوع ماردر ونظام الدفاع الجوي آيريس-ت ” مؤكدا مواصلة الدعم طالما كان ضروريا” بالتشاور مع حلفاء برلين، مشددا في الآن نفسه على رغبته في تجنب أي مواجهة مباشرة بين روسيا وحلف شمال الأطلسي (ناتو).

من جهتهم، دعى قادة فنلندا وليتوانيا وبولندا وبريطانيا المستشار الألماني الإثنين لمنح الإذن بسرعة لتسليم أوكرانيا دبابات ليوبارد 2 القوية للغاية، إذ يجب أن تحصل إعادة تصدير أي شحنة من المواد الحربية الألمانية الصنع على الضوء الأخضر من برلين قبل أي شيء.

وفي دافوس أيضاً، أكد ينس ستولتنبرغ الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، أن أوكرانيا بحاجة إلى “زيادة كبيرة” في الأسلحة في لحظة محورية من الغزو الروسي وأن مثل هذا الدعم هو السبيل الوحيد للتوصل إلى حل سلمي تفاوضي، علماً أن الجيش الروسي قد سجّل أولى انتصاراته الهامة بعد أشهر من التعثّر في منطقة سوليدار الاستراتيجية باتجاه باخموت.

اللافت أن اجتماعاً على جانب كبير من الأهمية والخطورة سيُعقد لوزراء دفاع حوالي 50 دولة ومن منظمة حلف شمال الأطلسي في قاعدة رامشتاين الجوية الألمانية، في أحدث سلسلة من الاجتماعات منذ اجتياح القوات الروسية لأوكرانيا قبل نحو 11 شهراً، وقد أكد ستولتنبرغ أن هذه اللحظة محورية في الحرب وفيما يتعلّق بالحاجة إلى زيادة كبيرة في الدعم لأوكرانيا، معتبراً أنه إذا أردنا حلاً سلمياً تفاوضياً غداً يتعيّن علينا تقديم مزيد من الأسلحة اليوم.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من جهته لا يزال يعتبر أن انتصار روسيا في أوكرانيا أمر “حتمي”،
وفي تصريحات بثها التلفزيون خلال زيارة لمصنع أسلحة في مسقط رأسه سان بطرسبرج، قال بوتين للعمال والصحفيين “النصر مؤكد، لا شك لدي في ذلك”

هذا وقد وافق الاتحاد الأوروبي على حظر كامل لواردات روسيا من المنتجات النفطية اعتباراً من الشهر المقبل في محاولة لخفض عائدات روسيا، وصرّح نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك بأن روسيا ستحوّل إمداداتها إلى آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية.

وكانت بيانات رفينيتيف قد أظهرت ارتفاع إمدادات الديزل من الموانئ الروسية إلى تركيا في كانون الأول 2022 إلى أكثر من 750 ألف طن، وبلغ إجمالي حمولاتها 5.05 مليون طن في العام 2022 مقابل 3.99 مليون في 2021، وقد ارتفعت إمدادات الديزل من روسيا إلى المغرب إلى 735 ألف طن في 2022 بعد أن كانت 66 ألفا فقط في العام السابق، وبلغ إجمالي حمولاتها نحو 140 ألفاً منذ بداية 2023، وأفادت رفينيتيف أيضاً بخروج العديد من الشحنات من روسيا إلى غانا والسنغال وليبيا وأوروغواي وكوت ديفوار.

اما أوروبا فلا تزال تستورد الجزء الأكبر من وقود الديزل الروسي، وتملأ خزاناتها قبل الموعد النهائي في الخامس من فبراير شباط .

وفي كل هذا الخضم الساخن، أعلن أن الولايات المتحدة ترسل ذخيرة مخزّنة في إسرائيل لأوكرانيا في حربها ضد روسيا، وقد أكد مسؤول إسرائيلي صحة الخبر لرويترز، قائلاً إن رئيس الوزراء حينذاك يائير لابيد كان قد وافق على ذلك رغم أن الولايات المتحدة ليست بحاجة إلى مثل تلك الموافقة بشكل رسمي، وبحسب نيويورك تايمز فالذخيرة الأميركية المنقولة من إسرائيل إلى أوكرانيا هي نحو 300 ألف قذيفة مدفعية من عيار 155 مليمتراً، وهو نوع تستخدمه كييف بوتيرة كبيرة.

كل هذه التطورات تحملنا على التخوّف من إمكان انزلاق الأمور الى هاوية الحرب العالمية الثالثة لاسيما وأن آفاق تسوية سلمية تبدو راهناً مقفلة في ظل تصاعد وتيرة التهديدات والتهديدات المضادة بين روسيا والمعسكر الغربي والأطلسي، وهي كلها مؤشرات تُنذر بتحوّلات خطيرة اذا ما استمر تصاعد المساعدات، علماً أن طبيعة المساعدات التي يُعلن عنها من قبل واشنطن ودول الناتو وأوروبا هذه المرة تكاد تلامس عتبة التورط المباشر في الحرب ضد روسيا، ما سيجرّ حتماً الى مواجهة بين روسيا والغرب على أرض أوكرانيا وما بعد أوكرانيا .

الأيام والاسابيع المقبلة مليئة بالتطورات الحابسة للأنفاس … فهل يولد النظام العالمي الموعود على نار سلاح حربي فتاك ؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى