إذا كانت تطورات الساعات الاخيرة، وما تخلّلتها من تحركات غاضبة في اكثر من مكان، قد أحدثت «نقزة كبرى» في الداخل، بدت وكأنّها تنذر بما سيكون عليه الشارع من غليان وفلتان، إن عاجلاً أو آجلاً، فإنّه كان باعثاً لمخاوف كبيرة لم تنحصر حدودها في الداخل. وبحسب معلومات موثوقة لـ”الجمهورية”، فإنّ اشارات خارجية، وتحديداً اوروبية، بهذا المعنى، وردت إلى مستويات رفيعة عبر قنوات ديبلوماسية، حذّرت من انفلات الوضع في لبنان، وإغراق الشعب اللبناني بويلات مأساوية. مؤكّدة «أنّ على القادة في لبنان المسارعة، ومن دون أي إبطاء إلى اتخاذ ما يتوجب عليهم من خطوات انقاذية قبل فوات الأوان، بدءاً بانتخاب رئيس للجمهورية وضمن فترة قصيرة جداً، والّا فإنّ مسار التعطيل القائم وصراع الحسابات السياسيّة والحزبيّة سيؤديان حتماً إلى ضياع لبنان».
والبارز في هذا السياق، ما كشفته مصادر ديبلوماسية لـ”الجمهورية”، عمّا وصفته بـ”قلق فرنسي بالغ جداً من تطورات الوضع في لبنان، وخشية كبيرة من حدوث انهيار دراماتيكي عميق جداً. وضمن هذا السياق يندرج تحرّك السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو، في نقل رسالة مستعجلة إلى المسؤولين في لبنان بضرورة احتواء الوضع القائم والتعجيل بانتخاب رئيس للجمهورية”.وكانت لافتة امس، زيارة السفيرة غريو إلى عين التينة ولقاؤها رئيس مجلس النواب نبيه بري للمرة الثانية في غضون ايام قليلة، تلت زيارة سفراء «الاجتماع الخماسي». كما زارت رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع. وأفيد بأنّها وضعتهما في أجواء الاجتماع الخماسي في باريس.
وفي المعلومات، انّ ما سمعته السفيرة في عين التينة، لم يخرج عن سياق الموقف الثابت للرئيس بري، المنفتح على أي جهد او مسعى أو حوار بإرادة صادقة ونيّة صافية للتوافق على رئيس الجمهورية، باعتبار انّ هذا الانتخاب يفتح الباب امام لبنان لسلوك معبر الانفراج، والبدء بالمعالجات للأزمة التي باتت فائقة الضرورة والإلحاح، وسط ما نشهده من انهيارات يومية على المستويين المالي والإقتصادي، وتعميق للبؤس والجوع لدى اللبنانيين».وقالت مصادر موثوقة لـ”الجمهورية”، انّ «الإدارة الفرنسية تشجع أي مسعى للتوافق، بصرف النظر عن اسم اي شخصية يرسو عليها التوافق لرئاسة الجمهورية». ولفتت إلى «انّ كرة التوافق ليست لدى الرئيس بري، الذي اعرب في محطات كثيرة عن استعداد كلّي للتفاهم والتوافق على رئيس للجمهورية، وكان اول من دعا إلى هذا التوافق قبل الشغور في سدّة الرئاسة الاولى، في خطاب 31 آب 2022، في ذكرى تغييب الامام موسى الصدر، انما الكرة في ملعب من يعتبرون أنفسهم اصدقاء وحلفاء دول «الاجتماع الخماسي». وقد سمع سفراء الدول الخمس في بيروت قبل ايام كلاماً مسؤولًا مباشراً وصريحاً بهذا المعنى، مفاده: «نحن على أتمّ الاستعداد لللجلوس فوراً على الطاولة والتوافق على رئيس، وبالتالي العقدة ليست عندنا على الاطلاق، بل هي عند اصدقائكم وحلفائكم الذين يرفضون الحوار والتوافق، ويختلفون مع بعضهم البعض، فاذهبوا واقنعوهم ونحن مستعدون».