يجب – لا بالرفق – استدعاء النوّاب فورًا إلى قاعة مجلسهم، ومنع خروجهم قبل انتخاب رئيسٍ للجمهوريّة.
لمَن لا يعرف المغزى من عبارة “لا بالرفق”، أنْ ينظر إلى ما آلت إليه أحوال لبنان واللبنانيّين على يد العصابة الحاكمةW، ومن أجسامها ورموزها الفائقة الشرّ والذكاء الشرّير، مجلسُ النوّاب ( ليس وحده طبعًا) الذي يُسمّى، أو يسمّي نفسه، “سيّد نفسه”.
“سيّد نفسه”، ليس، للأسف، سيّد نفسه.
هو بالأحرى “سيّئ نفسه”، على ما قال لي أحد الزملاء الكتّاب النابهون.
بل أكثر: هو سيّئ نفسه طبعًا، لكنّه سيّئ الدولة، سيّئ الجمهوريّة، وسيّئ الحياة اللبنانيّة برمّتها، وبامتياز.
استنكاف مجلس النوّاب، المخزي والمهين، عن أداء واجبه الدستوريّ هذا، هو الجرم المشهود نفسه، الذي وصل إلى أقصى ما يمكن أنْ “يرتقي” إليه تخلّفٌ واستبدادٌ وانتهاكٌ للدستورٌ وتمريغٌ للديموقراطيّة وقتلٌ للحياة وانهيارٌ للحقّ والعدل والقضاء والأمن وكرامة العيش والليرة، في هذا “العهد” الآفل وحكوماته الجهنّميّة البغيضة الفاسدة.
لقد استفحل أمر هذه العصابة الحاكمة، وخرج على كلّ سيادةٍ وكرامةٍ وشرف.
يجب وقف هذا الاستفحال فورًا، وبكلّ “وسائل الضغط الديموقراطيّ المنظّم”، وهو التعبير الطليعيّ الرؤيويّ الفذّ الذي استخدمته “حركة الوعي” منذ آخر الستّينات من القرن الماضي، أي قبل أكثر من اثنين وخمسين عامًا، في مواجهتها سلطة الفساد والقهر والقتل والموت التي بتنا – يا للمهزلة – نسمّيها اليوم “المنظومة الحاكمة”.
لقد استفحل الأمر. إنّما يجب وضع حدٍّ لهذا الاستفحال الشيطانيّ مهما كانت التكلفة الديموقراطيّة.
النداء الراقي الذي وجّهه النائبان نجاة عون صليبا وملحم خلف المعتصمان منذ شهر داخل القاعة العامّة لمجلس النوّاب، احتجاجًا على عدم قيام هذا المجلس بواجبه الدستوريّ، يجب تحويله لا إلى نداءٍ بل إلى فعلٍ يستخدم أقصى “وسائل الضغط الديموقراطيّ المنظّم” وعلى كلّ المستويات، لتحقيق الغاية المرجوّة منه.
لمَن يريد أنْ أضرب له مثلًا حسّيًّا يتوافق – رمزيًّا – مع هول الانهيار الفجائعيّ الذي يزلزل لبنان واللبنانيّين، أنقل المتعارَف عليه في حياتنا الريفيّة الزراعيّة عندما تفسد فلاحة الأرض: ليس من حلٍّ سوى المسّاس. وهو آلة من حديد مروّسة يُراد منها وخزُ فدّان الفلاحة، وإيلامه، لحمله على تقويم الاعوجاج في مساره، ولجعل ثلم الفلاحة مستقيمًا، فتتحرّر الأرض من العشب الضارّ وينمو الزرع وتكثر الغلال.
لم تعد تنفع لغة الرفق ولا التهذيب ولا الرقيّ مع الرؤوس الشيطانيّة المدبِّرة للعصابة الحاكمة، ولا مع متعهّدي الترهيب والغلبة والاستئثار فيها، ولا مع الملتحقين بها والمنضمّين إليها والتابعين لها… ولا أيضًا وخصوصًا مع مَن يريد أنْ يوهمنا – الآن – بأنّه صار من الخارجين عليها – ومتى – بعد فوات الأوان.
“سيّئ نفسه” (بل العصابة برمّتها)، يجب – لا بالرفق – أنْ يوخَز إلى حدّ الوجع بـ”مسّاس الضغط الديموقراطيّ المنظّم” لإجباره على انتخاب رئيس.