قد يكونُ رئيس الحزب “التقدّمي الإشتراكي” وليد جنبلاط من أكثر “المُتحمّسين” لـ”إنكسار العلاقة بين التيّار الوطني الحر وحزب الله”، بل من أكثر المُستفيدين من ذلك أيضاً على الصعيد السياسي. وحقاً، فإنَّ الإنفصال الذي حصل بين الحزب و “التيّار” سيُؤسّس حقاً لتعزيز مكانة جنبلاط السّياسية أكثر فأكثر، لاسيما بعدما كان يواجه تكتلاً يضم “التيار” و”الحزب” في مختلف المعارك الإنتخابية والإستحقاقات المفصليّة. إلا أنه مقابل ذلك.. يُطرح السؤال المحوري: ما الذي يُمكن أن يخيف جنبلاط بعد “إنفراط” العلاقة بين التيّار والحزب؟
على صعيدٍ آخر، فإنَّ ما يمكن أن يُخيف جنبلاط بعد “إنكسار الجرّة” بين “التيّار” و”الحزب” هو انتفاء قدرة الأخير على “دوزنة” مسار باسيل السياسي ومواقفه التي يُمكن أن تعزّز الشرخ السياسي والطائفيّ. فعلى مدى السنوات الماضية، ورغم الكثير من التجاوزات السياسية التي اقترفها باسيل، كان “حزب الله” من أكثر الضامنين لعدم “شطوح التيّار” نحو الخطوط الحمراء، الأمر الذي كان يُريح جنبلاط بعض الشيء. وكمثالٍ على ذلك، فإنّ باسيل عادة ما يطرحُ حالياً إعادة النظر بالنظام الحالي، ما يعني “ضرب اتفاق الطائف” و “إنحلال الحُكم القائم”.. وعملياً، فإنّ هذا الأمر لا يرضاهُ جنبلاط لأنّ تلك الخطوات ستهدد وجوده وأحقيّة طائفته بالتمثيل. ولهذا السبب، يتحرّك “رئيس الإشتراكي” مباشرة للحفاظ على التوازنات القائمة، ومن يلاقيه في ذلك هو “حزب الله” بالدرجة الأولى رغم الاختلافات، إذ أنّ الأخير يمكن أن يستوعب مخاوف جنبلاط ويتقبلها أكثر من طروحات باسيل التي قد تفرضُ مواجهة مفتوحة السيناريوهات.
إذاً، فإنّ ما يُمكن قولهُ هو أنّ جنبلاط متحمّسٌ من جهة و “قلقٌ” من جهة أخرى، وقد يكونُ رهانهُ في الوقت الرّاهن هو الإبقاء على “الحدّ الأدنى” من التفاهمات بين الحزب و “التيّار”، لأنّ هذا الأمر مطلوبٌ بدرجةٍ كبرى للحفاظ ولو بالحدّ الأدنى على “الإستقرار السياسي” بمنأى عن “شطحات المواجهة” التي قد تُشعل الوضع برمّته، سياسياً وأمنياً.