
قد يتمكن حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، من التغيّب عن جلسة استجوابه في الإدعاء اللبناني عليه، كأن يتمسك بالمخارج القانونية لإرجاء هذه الجلسة إلى فترة لاحقة على سبيل المثال. لكن بات واضحاً أن القضاء الأوروبي عازم على متابعة هذا الملف حتى الوصول إلى الحقيقة المرجوة، والتي تقضي أن سلامة قام بعملية تبييض الأموال على الأراضي الأوروبية وستتم مقاضاته ومصادرة أمواله على هذا الأساس.
المرحلة الثالثة.. وأربعة شهود
ففي الأسابيع الماضية، زارت وفود قضائية عبر السفارة الفرنسية قصر العدل ببيروت، ولمرات عدة، من أجل مناقشة ملف حاكم مصرف لبنان دولياً، وللتأكد من ضرورة استكمال المرحلة الثالثة من التحقيقات الأوروبية، التي سيجرى فيها استجواب كل من شقيق رياض سلامة، ومساعدته ماريان الحويّك.
وحسب مصدر قضائي رفيع لـ”المدن”، فإن استنابة قضائية كانت قد وصلت إلى قصر العدل ببيروت في الثالث من نيسان الجاري، لإبلاغ القضاء اللبناني بتاريخ المرحلة الثالثة من التحقيقات الأوروبية.
وفي التفاصيل فإن الوفود الأوروبية ستصل إلى بيروت يوم الإثنين في الرابع والعشرين من نيسان الجاري وستبقى حتى تاريخ السادس من أيار المقبل. الأمر الذي يعني أنها الزيارة الأطول وربما الأكثر أهمية وحسماً.
وحول تفاصيل الاستنابة القضائية، فإن الوفود طالبت بالاستماع لرجا سلامة وماريان الحويك، كما وعرضت أسماء أربعة شهود طالبت بالاستماع إليهم أيضاً، فيما تحفظت جميع الصادرعن ذكر أي تفاصيل أو أي معلومات شخصية عنهم.
جلسة شكلية
أما داخل القضاء اللبناني، فإن القاضي شربل أبو سمرا حدّد جلسة استجواب سلامة يوم الخميس في السادس من نيسان الجاري، بصفة المدعى عليه، وكان من المفترض أن تتزامن مع جلسة استجواب القاضية غادة عون أمام القاضي عماد قبلان، والتي كانت مقررة في اليوم نفسه، إلا أن “المدن” علمت أن الجلسة التي أرجأت في المرة الأولى لأسباب صحية تتعلق بالقاضي قبلان، أرجأت مرة أخرى لأسباب لم تذكر.
ومن المعلوم أن القاضي أبو سمرا عيّن الأسبوع الماضي لجنة مؤلفة من ثلاثة خبراء ماليين لمساعدته في ملف سلامة، ولتقديم التوضيحات الكاملة حول المستندات الموجودة داخل الملف، وكان من المفترض أن تتماشى مهمة هذه اللجنة مع جلسات الاستجواب، من دون الحاجة إلى تأجيلها، غير أن اللجنة -حسب مصادر قضائية- لم تباشر عملها بعد، ولا تزال طبيعة عملها غير واضحة، وجرى التساؤل حول الحاجة لتسليفها مبلغ 9 آلاف دولار أميركي مقابل عملها، على أن يحصل كل خبير على مبلغ 3 آلاف دولار أميركي، مقابل تقرير مكتوب يقدَّم لأبو سمرا، أو أن يحدد لهم الأخير جلسة خاصة شبيهة بجلسات الاستماع، وذلك ليتمكنوا من عرض جميع التوضيحات.
وهنا يتوجب على الدولة اللبنانية أن تؤمن المبلغ المطلوب للجنة، كونها الجهة المدعية على سلامة، فيما أوضحت مصادر متابعة لـ”المدن” أن هذا الأمر يستوجب طرحه على وزير العدل ووزير المالية للموافقة عليه.
وهنا شرح مصدر متابع لملف سلامة لـ”المدن” (تحفظ عن ذكر اسمه) أن جلسة استجواب سلامة يوم الخميس الجاري ستكون “شكلية”. فمن المتوقع أن يتغيب سلامة ويقدم الوكلاء القانونيون الدفوع الشكلية. وبالتالي، ستؤجل الجلسة إلى موعد لاحق، ومن الممكن أن تستمر هذه الحالة حتى فترات طويلة من دون الوصول إلى أي نتيجة.
إصرار القضاء الأوروبي
ويتابع المصدرقوله، إن قضية سلامة دولياً مختلفة جداً عن قضيته محلياً، فالوفود الأوروبية بدأت بتركيب القطع المتناثرة في هذا الملف، وبدأت تظهر الصورة واضحة أمامهم، خصوصاً بعدما بات مؤكداً أن القاضية الفرنسية “أود بوروزي” غادرت بيروت وهي غير مقتنعة بكلام سلامة نهائياً. هذا إلى جانب امتعاضها من أجواء الجلسة. إذ كانت بحاجة إلى إجابات واضحة ومفهومة، ولكنها لم تحصل على مرادها أبداً من سلامة بسبب إجاباته الضبابية.
وهنا أفاد المصدر، أن مجموعة من ممثلي السفارة الفرنسية زارو القاضي شربل أبو سمرا في الأيام الماضية، لمتابعة موضوع الجلسة التي ستُحدد في منتصف أيار المقبل في باريس للاستماع لسلامة.
وكما ذكرنا سابقاً، سيمثل سلامة أمام الوفود الأوروبية في فرنسا كمدع عليه، وليس كشاهدٍ، غير أن معظم المتابعين لهذا الملف يؤكدون أنه لن يمثل في باريس، بسبب إمكانية إصدار القضاء الفرنسي مذكرة توقيف بحقه.
إذن، في أيار المقبل ستتوضح كل التفاصيل المذكورة، ولكن ستردد أسئلة أخرى خلال هذه الأيام، عما إن كان سيمثل سلامة فعلاً في باريس؟ وإن كانت القاضية غادة عون ستتعاون مع القضاء الأوروبي، وتبطل قرار “منع السفر” التي وضعته على سلامة سابقاً؟