Nouvelles Locales

من الصعب تصديق أن إيران ستضغط على حزبها في لبنان للتخلّي عن مطالبته برئيس يحميه

رولان خوري

” لطالما كان ميزان القرار السياسي في لبنان داخلي و إقليمي أيضاً بِسبب موقعه الجغرافي الإستراتيجي، لكن هذا لا يلغي واقع أنّ هناك أمور كثيرة لا يُمكن أَن تُعالَج إلّا في الداخل اللبناني و لا تتأثّر بالترتيبات الإقليمية ”

 

الإتّفاق السعودي – الإيراني يهدف إلى تنظيم الخلافات و عدم تحويلها الى صراعات و نزاعات مسلّحة و يتضمّن إعتراف متبادل بالأمن و مبدأ عدم التدخّل بشؤون كل دولة. و هذا ما ينعكس إيجاباً على المنطقة طبعاً.

لكن هذا لا يمنعنا مِن رؤية واقع أنّ إيران تسعى لإستثمار التقارب مع السعودية لتعزيز نفوذها في لبنان.

يعتقد الجانب الإيراني أنّ السعودية لم تعد مهتمة بالملف اللبناني و بالتالي لن تواجه الجهود التي تمارسها طهران لتعزيز نفوذها في لبنان بنفس الحماسة السابقة خاصةً و أنّ الرياض سعت لفترات طويلة لدعم الطبقة السياسية في لبنان على تجاوز أزماتها و قدّمت مساعدات إقتصادية لكن ذلك لم يتحقق نظراً للصراعات العميقة بين القوى اللبنانية.

في الملفّ اللبناني ستحاول إيران الإستفادة من رغبة السعودية في اعتماد إستراتيجية النأي بالنفس و تفكيك الأزمات لفرض الأمر الواقع حيث لا يزال الحزب الأصفر الذراع القادرة على تحقيق الأطماع الايرانية في لبنان.

 

من الصعب تصديق أن إيران ستضغط على حزبها في لبنان للتخلّي عن مطالبته برئيس يحميه و يؤمّن له غطاء سياسي. القيام بذلك سيكون بمثابة التخلي عن أجندتها الخاصة في المنطقة. كما سيكون الأمر أشبه بالاستسلام لخصوم الحزب في البلد الذين طالبوا منذ وقت طويل بنزع سلاحه. من ناحية أخرى ، من الصعب أيضاً أن نتخيّل أنّ المملكة العربية السعودية ستقبل بِما يناسب الحزب الأصفر. منذ زمن بعيد أحرق الحزب جسور مع الرياض على حساب علاقات لبنان مع المملكة و دول الخليج الأخرى. و من غير المرجح أن ينجح أي تدخل من إيران في إعادة بنائها.

على جميع أفرقاء معارضة النهج الإيراني في لبنان معرفة أنّنا قد دخلنا المرحلة النهائية من الإتّفاق السعودي-الإيراني، و هذا سيقود إلى تبدّل النظام الإقليمي القائم و إلى حالة جديدة و وضع جديد يبدأ بإعادة تنظيم الملف السوري، لينتقل بعدها إلى لبنان بما يسهّل انتخاب رئيس جمهورية في فترة ليست بعيدة، لأن إيران تريد أن تثبت حسن نيّاتها اتجاه السعودية و تخلّيها عن ادعّائها أنها تسيطر على أربع عواصم عربية.

 

نحن نرحّب بِأَي تقارب يؤدّي إلى الإستقرار السياسي و الأمني في المنطقة، لكن علينا أَن نتعامل بِحذر مع المحور الإيراني، لأنّ التجارب السابِقَة أثبتت لنا أنّ الوثوق به غير وارد حتّى الآن. خاصةً و أنّ هذا المحور و حلفائه في لبنان لطالما كانوا عائق أمام سيادة الدولة اللبنانية و عمل مؤسساتها و عدل قضائها و إستقرارها السياسي و الأمني و الإقتصادي و الإجتماعي.

الإتّفاق السعودي-الإيراني يجب أَن يَقود قبل أَي شيء إلى حوار لبناني داخلي يُنقِذ البلد من دويلة الحزب الأصفر و يحدّ مِن نفوذها و هَيمَنَتها على لبنان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى