يُفتتح اليوم الموسم السياحي في محمية صور البحرية، وستعاود 49 خيمة تنتشر في القسم السياحي من أهمّ محمية في لبنان، استقبال السيّاح المتوقّع أن يكونوا بالآلاف حسبما يقول رئيس بلدية صور حسين دبوق الذي يعوّل كثيراً على الموسم السياحي، لأنه نافذة اقتصادية مهمّة للمدينة. من وجهة نظره «تكتنز المدينة عشرات الأماكن السياحية المهمّة، التي تجذب الزوّار، من الأماكن التاريخية كقلعة صور البرية والبحرية، إلى المتاحف المتعدّدة وأسواق المدينة التاريخية وحاراتها القديمة إلى محمية صور البحرية».
فرضت صور نفسها مدينة سياحية بامتياز، ونجحت في أن تكون رقماً سياحيّاً صعباً، تجذب آلاف الزوّار أسبوعياً، فسجّلت العام الماضي أكثر من 700 ألف زائر، وتستقطب المدينة قرابة الـ1000 يوميّاً. يقصدون شاطئها للإستجمام والسباحة، فشاطئها الرملي هو الأكبر والأطول في لبنان، هذا عدا رواد سياحة الغطس، التي باتت جزءاً من هوية المدينة السياحية.
لم تنتظر صور إدراجها على خارطة الدولة السياحية، صنعت هويتها بنفسها وباتت مقصد عشاق البيئة والتراث والغطس الذين يقصدونها من مختلف أنحاء العالم. ولعب وجود قوّات حفظ السلام دوراً في تعزيز السياحة، فعائلاتهم تأتي في الصيف للتمتّع ببحر صور وأماكنها التراثية وممارسة هواية الغطس التي راجت في الآونة الأخيرة.
ويكشف مدير المركز اللبناني للغوص يوسف الجندي أنّ «أكثر من 500 غطّاس غاصوا في عمق بحر صور العام الماضي»، متوقّعاً ارتفاع الرّقم هذا العام. ويقول: «بحر صور غني جداً، وهو متنوّع الخصائص الطبيعية والإيكولوجية حتى التاريخية، ولذلك شجّعت عشاق الغوص لزيارة صور لأن بحرها الأجمل والأنظف».
في عمق البحر تتعرّف إلى سلاحف نادرة ذات رأس ضخم وأخرى خضراء. هنا تعيش مغامرة مختلفة، تقترب من المياه الكبريتية ذات المنافع الصحية المتعدّدة، وترى فوّارات المياه العذبة، ولا يمكن الخروج من عمق البحر، قبل الدخول إلى مدينة صور القديمة المدفونة تحت المياه منذ زلزال عام 530. ويشير الجندي إلى أنّ «هذا التنوع في البحر جعل سياحة الغطس تنشط بشكل كبير، وتدفع نحو المغامرة الحلوة. وتضمّ هذه المدينة أعمدة غرانيت وطرقات وبقايا فخار وغيرها».
موسم سياحي واعد ينتظر مدينة صور هذه السنة، وهو أمر يؤكّده مدير محمية صور الطبيعية علي بدر الدين الذي يتوقف عند الأرقام الكبيرة التي زارت المحمية العام الماضي وتخطت الـ700 ألف زائر».
تُعدّ محمية صور الطبيعية إحدى أهم المحميات في لبنان، والثانية بعد محمية تونس، وتُقسّم وفق بدر الدين إلى «ثلاثة أقسام: سياحية وتضمّ الخيم البحرية والشاطئ الشعبي الذي يستقطب أسبوعيّاً أكثر من 500 ألف شخص. العلميّة وتضمّ السلاحف النادرة والنباتات البحرية والإيكولوجية، إضافة إلى التجمعات المرجانية والنباتات البحرية والطحالب».
ويعتبر بحر صور من أهمّ الموائل للسلاحف في البحر المتوسط وهي مدرجة على اللائحة الحمراء للحيوانات المهدّدة بالإنقراض غير أنها متوفرة بكثرة في لبنان. تكاد لا تهدأ حركة المحمية في قسمها العلمي، فعشاق الطيور والحيوانات البحرية النادرة والسلاحف والتنوع الإيكولوجي والأعشاب الفريدة يجدونها فرصة للابتعاد عن هموم الواقع. في هذا القسم عالم آخر، سياحة من نوع فريد يقول بدر الدين، الذي يشدّد على أهمية السياحة البيئة التي باتت لها هويتها أيضاً، برأيه إنّ المحميّة تستقطب كل الزوار من مختلف البلدان، وتخصّص لهم أنشطة بيئية متعدّدة تتماشى مع تعزيز الثقافية البيئية. والقسم الزراعي يضمّ «برك رأس العين» التاريخية التي تغذّي قرى صور بالمياه العذبة، وبين شهري أيار وأيلول ينطلق موسم تزاوج السلاحف، وهو يتزامن مع انطلاق الموسم السياحي في الخيم البحرية، وهنا يقول بدر الدين إنه «يجري العمل على توجيه إرشادات للخيم بوضع الضوء الأحمر بدل الأصفر والمحافظة على النظافة والبيئة، إضافة إلى ضرورة شراء الخضار والفاكهة من الحقول الزراعية التابعة للمحمية الزراعية، التي باتت لها هيكلية خاصة». قد لا تتوقف السياحة في صور عند المحمية الطبيعية، غير أنها تبدأ منها، وتنطلق نحو أماكنها التاريخية والتراثية. تتوزع عشرات الأماكن التاريخية والتراثية من الملعب الروماني الذي كان يستقبل مهرجانات صور السياحية قبل سنوات، إلى قلعتي صور البرية والبحرية، فضلاً عن المتاحف والحارات القديمة، باختصار السياحة في صور «غير شكل».