Education

نظرة نقديّة في النّظام التّربويّ

كتب شادي الياس في موقع mtv:

 

في الآونة الأخيرة، انتشر الفساد الأخلاقيّ وكَثُرت الجرائم التي يمكن نسبها الى أسس التّربية والمؤسّسات التّربويّة التي لا بدّ من البحث في ثغراتها ونقاط ضعفها.

 

النّظام التّربويّ يعاني من العديد من السّيّئات التي تُعيق مسار تطوّره وتحدّ من قدرته على ممارسة دوره المطلوب منه. فالمنهج الدّراسيّ في لبنان قديم يعود عمره لعقود خلت، وهو لا يواكب التّطوّرات العلميّة والتّكنولوجيّة الحديثة الموجودة في الدّول المتطوّرة. على سبيل المثال، لا تزال تُركّز هذه المناهج بشكل كبير على الحفظ والتّلقين التّقليديّ، ما يُضعف مهارات التّفكير النّقديّ والإبداع وتوسيع الرّؤية لدى الطّلّاب. بالإضافة إلى ذلك نرى الطّلّاب يعانون من كمّيّة المعلومات الكبيرة. فالطّفل يتلقّى كمّيّة كبيرة من المعلومات، من غير المتوقّع أن يتكيّف معها ويتحمّلها، فيفقد القدرة على استيعابها، وإن حفظها حفظًا ببغائيًّا فإنّه ينساها بعد أيّام معدودة. يفتقد النّظام التّربويّ الى تعليم اكتساب المهارات التي تعنى مثلاً بالتّواصل والعمل الجماعيّ وحلّ المشكلات المؤسّساتيّة.

 

عامل التّقييم المعنيّ بالامتحانات المدرسيّة لم يتم تعديله أيضاً. مفهوم الامتحان يشكّل عامل رعب للطّلّاب ما يخلق لديهم أمراضًا نفسيّة وعوارض وسواس قهريّ يعيق عمليّة تعلّمهم ويوجّه الانتباه من التّركيز على تطوير القدرة على الفهم والاستيعاب إلى حصر الاهتمام كلّه في النّجاح في الامتحان فقط. لذلك، الدّول المتطوّرة ألغت نظام الامتحانات وحوّلته إلى العمل على مشاريع فكريّة وكتابيّة  تكون بحدّ ذاتها تدريبًا وتمرينًا مفيدًا للطّلّاب.

بعد الأزمات المتعدّدة التي واجهت لبنان، يعاني التّعليم الرّسميّ قبل الخاصّ في لبنان من نقص في التّجهيزات والبنى التّحتيّة للمدارس، وانخفاض عدد المدارس في لبنان، ما يُؤدّي إلى اكتظاظ الطّلّاب في الصّفوف مع ظروف مناخيّة صعبة كالبرد وعدم توفير التّدفئة في الشّتاء، وشدّة الحرّ في الصّيف، وهذه عوامل إضافيّة تعيق مسار ومستوى التّعليم الذي يجب العمل عليه وتوفير الحدّ الأدنى منه.

عامل الأساتذة وتحدّياته ينعكس بشكل مباشر على مستوى التّعليم،  فمعاناة المعلّمين مرتبطة بشكل مباشر بالطّلّاب، والأجور المُتدنّية تحوّل المستوى التّعليميّ بشكل عامّ الى مستوى متدنٍّ وتؤثّر عليه سلباً، كعدم القدرة على متابعة كلّ تلميذ بشكل فرديّ على سبيل المثال.

في النّهاية يجب التّذكير بأنّ هناك العديد من المدارس التي تلامس المستويات العالميّة في التعليم  في لبنان، ولا يزال مستوى لبنان في التّعليم في المراكز المتقدّمة في الشّرق الأوسط، ولكنّ الهدف من هذه المقالة هو التّشديد والإصرار على ضرورة تطوير هذا القطاع وعدم التّراخي به، وعلى الحكومة أن تخصّص موازنة التّربية قبل موازنة الجيش على أمل أن نرى هذا القطاع يزدهر من جديد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى