
من عاصمة النور، باريس، حيث تنبض الحرية وتُحترم الكرامات، أكتب عن بيروت… المدينة التي أطفأها انفجار العصر، فجرّدها من ملامحها وترك في قلبها جرحاً لا يلتئم.
في الرابع من آب 2020، عند الساعة السادسة وسبع دقائق، انفجرت بيروت. لم يكن انفجاراً عادياً، بل زلزالاً بشرياً وأخلاقياً واقتصادياً وسياسياً. أكثر من 220 شهيداً، آلاف الجرحى، مئات المفقودين، عشرات الآلاف من المنازل دُمّرت، مؤسسات، مستشفيات، مدارس، كنائس ومساجد، جميعها تهاوت تحت عصف فسادٍ عمره عقود.
من باريس، حيث أُدرّس في جامعات تحترم الإنسان، أُسائل بلادي: كيف لوطن أن يسكت عن جريمة بهذا الحجم؟ من أتى بالنيترات؟ من سمح بتخزينه؟ من غطّى؟ ومن سكت؟ والأهم، من سيحاسب؟
عائلات الشهداء لا تزال تنام على أرصفة الانتظار. القضاء مكبّل، الحقيقة معلّقة، والمجرم يتنعّم بحصانة وقحة. كأن أرواح من سقطوا لا تساوي شيئاً في ميزان هذا النظام القاتل.
٤ آب ليس تاريخاً… إنه لعنة. وصمة على جبين دولة اعتادت الهروب من العدالة.
بيروت لا تريد دموعاً، بل محكمة. لا تحتاج لقصائد، بل لقاضٍ لا يخاف.
من باريس، أقولها بصوت كل أمّ : لن نسامح. لن ننسى. والعدالة آتية… ولو بعد حين.



