انتهى لقاء بعبدا الخامس كما بدأ، وخرج الرئيس المكلف نجيب ميقاتي كما دخل “بخفّي حنين” ليعود إلى السراي بوجه عبوس ونظرات متجهمة ووجهات نظر متباعدة مع رئيس الجمهورية ميشال عون، بعدما تبيّن على مدى نصف ساعة من المباحثات استمرار نزعة التعطيل طاغية على الأجواء العونية، فخاب أمل ميقاتي بإمكانية إعادة تدوير زوايا التعديل الوزاري مع الرئيس عون.
وكشف مصدر مطلع على مجريات اللقاء أنّه اقتصر على “استعراض نتائج الاتصالات التي جرت منذ اللقاء الرابع مع مختلف القوى المعنية بالملف الحكومي، لكنّ طيف جبران باسيل بدا حاضراً بقوة في خلفية إصرار الرئيس ميشال عون على شروطه السابقة فلم يُبد أي مرونة حيال تمسّك الرئيس ميقاتي بتمثيل عكار في التشكيلة الوزارية وتحديداً “الكتلة النيابية الشمالية” التي سمّته لترؤس الحكومة، ومطالبته بضرورة اختيار وزير درزي بديل عن الوزير عصام شرف الدين لا يستفز “الحزب التقدمي الاشتراكي” بغية رفع الحاصل النيابي في عملية نيل التشكيلة الجديدة الثقة البرلمانية”.
وفي ضوء ذلك، بقيت الطروحات الرئاسية المتقابلة على حالها “بانتظار ما ستحمله الاتصالات خلال الأيام المقبلة لتذليل العقبات أمام إعادة تعويم الحكومة الحالية بعد إجراء بعض التعديلات الوزارية على تركيبتها”، وفق ما نقل المصدر، مؤكداً أنّ “حزب الله” مصمم على التأليف و”عناد باسيل لن يطول” لأنه في نهاية المطاف سيدرك أنّ قرار “التأليف جدّي ولا مفر أمامه من الموافقة على تحويل حكومة تصريف الأعمال إلى حكومة شرعية كاملة الصلاحيات لتمكينها من إدارة البلاد في مرحلة الشغور الرئاسي”.
وكان عون قد جدد أمس أمام ميقاتي “تمسكه بتسمية وزيري الاقتصاد والمهجرين باعتبارهما من حصته أو تسمية وزير مسيحي مع إضافة ستة وزراء دولة إلى تشكيلة الـ24 الحالية”، الأمر الذي دفع الرئيس المكلف إلى إعادة تأكيد موقفه الرافض لتوسعة الحكومة “لأنّها ستفتح شهية الاستيزار والحصص وتزيد عقد التأليف، فخلص اللقاء إلى تأكيد استمرار التباعد في المواقف الرئاسية وعدم الاتفاق على موعد اللقاء السادس بانتظار حصول أي اختراق جديد يتيح إنضاج الطبخة الحكومية”.
وتزامناً، قرر رئيس الجمهورية أن يفتح جبهة نزاع جديدة في آخر أيام عهده، من خلال ردّ قانون السرية المصرفية الى مجلس النواب لإعادة النظر به، وسارعت دوائر بعبدا إلى تعميم أجواء إعلامية عبر مصادرها بغية تبرير الخطوة العونية، فعللت رد القانون بأنه يندرج ضمن محاولة “تحصينه وتطويره ليكون مطابقاً أكثر مع المعايير الدولية والممارسات المالية الجديدة”، وأضافت: “الرئيس عون يرى أنه من ضمن التعافي المالي يجب ان يعطى الحق للجنة الرقابة على المصارف ومصرف لبنان والضمان الاجتماعي بطلب رفع السرية المصرفية، كذلك يجب أن لا يكون رفع السرية لأسباب جرمية أو جزائية أو للتهرب الضريبي فقط، بل أيضاً لاسباب إدارية مع التشديد على اعتماد الرجعية في الخضوع للقانون للذين عملوا في القطاع العام”.