Uncategorized

عهد عون بين الستّ سنوات والشهر

داني حداد_mtv

دخلنا في الأسابيع القليلة الماضية مرحلة جردة الحساب لعهد الرئيس ميشال عون. هناك من يركّز على السلبيّات، فيصف العهد بـ “جهنّم”. وهناك من لا يرى سوى إيجابيّات في السنوات الستّ.

أظهر عهد الرئيس عون، أكثر من أيّ عهدٍ آخر بعد الطائف، أنّ صلاحيّات رئيس الجمهوريّة تقلّصت كثيراً. ما يؤثّر، فعلاً، هو الشخصيّة والإرادة والقدرة، أكثر بكثير من الصلاحيّات. ولا نغفل عن أنّ الظروف تتقدّم على كلّ ما عداها.
لذا، فإنّ ما يُحكى عن مصائب في عهد عون هي، بمعظمها، لا صلة لها بصلاحيّات الرئيس وهو غير مسؤول عنها. كذلك، فإنّ الإنجازات التي يُحكى عنها هي أمورٌ حصلت في هذا العهد ولكن لم ينجزها الرئيس بما يملك من صلاحيّات. قانون الانتخاب، مثلاً، هو صناعة التفاهم المسيحي. الترسيم هو رغبة أميركيّة ومصلحة إسرائيليّة وظروف دوليّة سياسيّة واقتصاديّة.

لسنا نقلّل هنا من قيمة أيّ إنجاز، بل نلقي ضوءاً على صلاحيّات الرئيس المحدودة التي تجعل منه، غالباً، مؤثّراً لا صانع قرار. ويجعل ذلك من الرئيس عون، تحديداً، مظلوماً حين يُصوَّر على أنّه المسؤول الوحيد عمّا أصاب البلد. والغريب أنّ بعض المتّهِمين يؤيّدون زعماء سرقوا ونهبوا وأساؤوا ادارة البلد. ويجعل ذلك أيضاً، من الرئيس عون، بطلاً أسطوريّاً حقّق المعجزات في عهده، وفق ما يصوّره بعض جمهور التيّار الوطني الحر.

الحقيقة مختلفة. لا ميشال عون مسؤول وحيد عن “جهنّم”. ولا هو المسؤول الوحيد عن إيجابيّات السنوات الستّ الماضية. يحتاج الأمر الى بعض الواقعيّة في مقاربة هذا الموضوع، خصوصاً من باب قراءة صلاحيّات الرئيس وقدراته، وربما إعادة النظر بها، مع إدراكنا لصعوبة الأمر بل استحالته.
واللافت أنّ تقليص صلاحيّات الرئيس المسيحي الماروني أتت بعد تجربة عون في الحكم، على رأس حكومة انتقاليّة شكّلها حينها الرئيس أمين الجميّل. وها هي تجربة عون الرئاسيّة تفضي الى ضرورة إعادة النظر بهذه الصلاحيّات.

فالرئيس، مهما كان قويّاً، لن يتمكّن من الحكم إن حوصر وعُرقل. المؤسف أنّنا قد نحتاج أحياناً الى رئيسٍ ضعيف، علّ أموره وأمور البلد تُسهَّل.
يبقى أنّ الشهر الأخير من عهد الرئيس ميشال عون كان الأفضل في السنوات الستّ. وهذه نقطة تحتاج أيضاً الى النقاش، نكرّر، بموضوعيّة، بعيداً عن عصبيّة المحازبين وبعض الهبل “الفاقع” على مواقع التواصل الاجتماعي، من هنا وهناك.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى