
من عباس إبراهيم إلى الياس البيسري
هنيئا” للمتن.
اثنتا عشرة سنة كانت كفيلة بأن يتوّجها اللّواء عبّاس ابراهيم بمسيرةٍ أقلّ ما يُقال عنها بأنّها مسيرةٌ مشرفةٌ، أعطى خلالها ابراهيم كل ما يستطيع، ليصل إلى خواتيم الأمور بالنتيجة الأحسن والأقل ضررًا. فعلى مدى مناسبات عديدة كان اللواء عبّاس ابراهيم رجل المرحلة، حيث كان “الجوكر” القادر على حلّ المهام الصّعبة التي توكل إليه حينما تعجز المؤسسات الأمنيّة والرسميّة الأخرى على حلّها، فحمل مشعل الإنسان وانطلق بمهامه باحثًا عن مخارج وحلول.
فمن الأمنيّ النّظيف، وصولاً للمحارب، والذكي، والدؤوب على عمله، غاصَ اللّواء عبّاس ابراهيم بالكثير الكثير من الملفات الصّعبة منها والمعقدة، والتي أبى أن يخرج منها إلا وهو واصل إلى حلّ يرضي الجميع.
ومن هنا كان ابراهيم لواء الجمهوريّة عن حقّ، حيث كافح، ونافس، وبارز كي يعطي كلّ ذي حقّ حقَّه.
الأمن العام كان خليةً لا تهدأ، هكذا توصّف مصادرٌ مقرّبة لموقعنا “Association avec expat” الفترة الذهبيّة للأمن العام اللّبناني تحت قيادة ورئاسة اللّواء عبّاس ابراهيم، حيث كانت مكاتب الأمن العام وعلى امتدادها على كافة الأراضي اللّبنانيّة بمثابة خليةِ نحلٍ لا تستكين، ولا تهدأُ، ليسطّر اللواء عبّاس إبراهيم خلال عمله مناقبيّةً كبيرةً استطاع من خلالها أن يحيط المديريّة من كافة الجوانب، محاولاً أن يحلّ كافة المشاكل من دون أي بلبلة أو حفلةٍ إعلاميّة.
بدءًا من الإرهاب استطاع اللواء عبّاس ابراهيم أن يجنّب لبنان الكثير من المشاكل، لا بل حتى المصائب والخضّات، إذ كان على رأس مديريته جاهزًا لاستباق الأمور، والعمل على تفكيك الشّبكات الإرهابيّة قبل أن تعبث بأمن الوطن والمواطنين. ومن هنا فإنَّ الوحدة الخاصة أنشأها ابراهيم لمكافحة الإرهاب والتي لا تزال موجودة إلى حدّ اليوم خير مثال على ذلك. فأدخل اللّواء ابراهيم مفهوم الأمن الاستباقي إلى الأجهزة اللبنانية، وكانت العملية الأولى في هذا الاطار هي عملية فندق «الديروي» في الحمرا، حين اقتحم عناصر الأمن العام اللبناني غرفة تأوي ارهابيين قاموا بتفجير انفسهم بالغرفة وذلك في العام 2013. وبعدها كرّت سبحة العمليات الاستباقيّة.
الأمر لم يتوقف محليًّا حيث كان اللّواء عبّاس ابراهيم صلةَ وصلٍ ما بين لبنان وسوريا، ليكون ابراهيم جاهزًا لإطلاق عجلة معارك الإنقاذ من التّنظيمات الإرهابيّة التي اجتاحت سوريا، ليقود من بعدها سلسلة من اللّقاءات، والتّشاورات، والمفاوضات ليعمل من خلالها على إطلاق سراح المحتجزين عند هذه التّنظيمات، وسجلّه خير دليل على ذلك، حيث نجح بتحرير راهبات دير «مار تقلا» الأرثوذكسي في بلدة معلولا بالقلمون شمال دمشق في العام 2014، وأيضاً نجح في فكّ أسر 17 عسكرياً لبنانياً من قوى الأمن الداخلي من يد «جبهة النصرة» وذلك في العام 2015 في عملية تبادل أعقبت مفاوضات شاقة وذلك في محيط بلدة عرسال، ثم تمكن من استعادة جثامين 8 جنود من الجيش اللبناني قتلهم تنظيم «داعش» الارهابي.
عمليات ابراهيم لم تتوقف داخل سوريا ولبنان، لا بل خصّت معتقلين من أجانب كانوا متواجدين داخل سوريا وتعرضوا للاعتقال، ليقود ابراهيم لعشرات المرات جولات وصولات من المتابعة والمفاوضات أسهمت بنجاح مهامه، ليرسم حول اسمه هالةً من النجاح لمع بريقها غربًا.
وتطول وتطول الإنجازات التي لا يستطيع مقالٌ واحدٌ أن يسعها، أما اليوم فإنّ ما بعد ابراهيم تماماً كما خلال حقبة استلام اللواء عبّاس ابراهيم، إذ استلم المشعل العميد الياس البيسري حيث تم التّجديد للعميد الياس البيسري لمدة تسعة أشهر في الأمن العام، ليصبح بعد إحالة مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم إلى التقاعد في الثاني من آذار الحالي، الضابط الأعلى رتبة، ويتولى مهام المدير العام.
والبيسري المعروف عنه بمناقبيته، وعمله الجاد، سيستلم زمام أمور المديرية العامة للأمن العام خلال هذه الفترة، إذ أن مهامًا عديدة تنتظره، لن يصعب على العميد الياس البيسري تنفيذها.
صيته ذائع، إذ أن المهنية لا تفارق قاموسه، أضف إلى أخلاقه العالية التي باتت تتعطش إليها العديد من المؤسسات الرسمية في لبنان، ومن هنا، وبغض النّظر عن الطائفة أو مركز الشّخص الذي سيستلم المركز، فإن العميد الياس البيسري تلبسهُ مقولة “الشخص المناسب في المكان المناسب.”
ويرسم البيسري حول نفسه الشخصية اللاإستفزازية أو الصّداميّة، إذ كان لافتًا عندما توفّت والده العام المنصرم كيف عجّت الدكوانة بالوفود السّياسيّة والحزبيّة والروحيّة لتقديم واجب العزاء.
وعليه بدءًا من الغد سيستلم البيسري مهام إدارة المديريّة العامة للأمن العام ليكمل برحلة النجاح التي استهلّها اللّواء عبّاس ابراهيم، وليذهب بعيدًا بالإنجازات الإستثنائيّة المُنتظرة منهُ.



