الطفولة مستقبل الإنسان بل هي نفسه
تُظهر الأبحاث بأنّ الأطفال الذّين تلّقوا تجارب تغذية ايجابية أثناء طفولتهم المبكرة، لديهم فرصة أفضل لتطوير أدمغة صحيّة تكّتمل بشكل جيّد، على عكس الأطفال الذين عانوا من الإهمال أو سوء المعاملة، لديهم أدمغة أصغر وذو نشاط دماغي منخفض، خاصة في المنطقة المسؤولة عن أخذ القرارات.
من هنا نلاحظ تأثير الطفولة على مرحلة البلوغ، فلابّد من تأثير الندوب على مجالات حياة الولد وتطّوره النّفسي والإجتماعي….
من قال أنها ليست مجالًا واسعًا وأفقًا بعيدة لتّصور جزءًا من حياتنا بل كلّ الحياة.
ماذا لو ترى طفلًا بسنواته الأولى يتعرّض لأبشع أنواع التّصرف الوحشي الاّ وهو التّحرش الجنّسي من قبل شخص مقرب له ويتربى على صلة وطيدة به، يراه، يسمعه، يحادثه…. لكنّه لا يستطيع البوح أو الإفصاح عمّا حصل معه أو حتّى مجرد خاطرة تلوح بأفق تفكيره فهذا محال وممنوع!!!! لا يجوز أن يهمس بذلك لأنّ العادات والتقاليد ترفض حتّى التفكير فكيف البوح وهو الطفل الصغير المقيّد بالترهات أمام الكبار؟؟
يكبر الطفل ويصبح يانعًا وهذا المشهد يرافقه ويؤنب تفكيره المتواضع ! لماذا لم يفصح ويقول ما حصل معه؟ يتردد ولكّن ما من شجاعة تدعمه حتّى يعيش التناقض والتّخبط النّفسي الداخلي بينه وبين شخصيته التّي تريد التّحرر والإنعتاق من دون جدوى.
تمر الأيام والسّنون وترسو عقدة وخيالًا في حياته، يتعّرف على الآخرين ويكّون علاقات جديدة، ولكّن المهم أنّه يقع بالأخطاء الواحدة تلو الأخرى وهو لا حول له ولا قوة؛ ماذا يفعل؟! فقط ليرضي عقله المتأرجح بأنه كبر وأصبح على يقين من أفعاله ويستطيع التّغلب على ما يؤلمه.
نعم، قد يعيش مغامرات عاطفية وقد تتكلّل بالزواج، لكنّه لا يزال حتّى الآن بهاجس تلك اللحظة المؤلمة من طفولته ويمر المشهد نصب عينيه ليبقى سرًا يرافقه حتّى الرحيل!!
بقلم عفاف زوين شيّا