في خطوة تحمل في طياتها الكثير من الدلالات السياسية والاجتماعية، يستعد بهاء الدين الحريري، الابن الأكبر لرئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري، للعودة إلى لبنان خلال الأسابيع المقبلة. هذه العودة تأتي بعد سنوات طويلة من الغياب عن الساحة السياسية اللبنانية، ومع توقعات بتحولات كبيرة في المشهد السياسي الداخلي.
إرث رفيق الحريري وإعادة إطلاق المشروع
منذ اغتيال والده رفيق الحريري في عام 2005، ظل بهاء الحريري بعيدًا نسبيًا عن الحياة السياسية اللبنانية، مقارنةً بشقيقه سعد الحريري الذي تولى مسؤوليات سياسية كبيرة، بما في ذلك منصب رئيس الوزراء. إلا أن بهاء الحريري كان دائمًا يحتفظ بنبرة معارضة واضحة للتسويات السياسية التي أبرمها شقيقه، خاصة تلك المتعلقة بحزب الله وحلفائه، وها ما دفع ببهاء على إعلان نيته العودة إلى لبنان لإعادة إطلاق مشروع والده، مشددًا على ضرورة استعادة سيادة الوطن بعيدًا عن التأثيرات الخارجية.
المشروع الذي الذي يسعى من خلاله بهاء إلى تأسيس “بيت سياسي” يجمع كافة اللبنانيين، يعكس إرث والده في السعي لبناء لبنان قوي ومستقل، حسب الأوساط المتابعة، التي تؤكد أن هذه العودة لا تشبه أبدا سابقاتها، خاصة وأن البيت السني بات يحتاج لقائد جديد بعد الفراغ الذي تركته الحريرية السياسية.
وكشفت مصادر مقربة من بهاء الحريري أنه يعتزم أن تكون زيارته إلى لبنان شاملة لجميع المناطق، من الشمال إلى الجنوب، مرورًا بالبقاع. هذه الزيارة لن تكون قصيرة، بل ستكون بداية لتواجد مستمر يهدف من خلاله إلى إعادة بناء الهيكل السياسي للعائلة الحريرية، وتعزيز التواجد في المشهد السياسي، من خلال إعادة إحياء قصر قريطم، الذي كان مقرًا للعائلة الحريرية ومركزًا لنشاطها السياسي. ومن هنا شدد بهاء الحريري من المطار أمس على أهمية الحفاظ على هذا الإرث وعدم التفريط فيه بأي شكل من الأشكال، معتبرًا أنه يمثل جزءًا من التاريخ السياسي للبنان.
يبدو أن بهاء الحريري يتطلع إلى مستقبل مختلف للبنان، مبني على أسس الشفافية والإصلاح والشمولية السياسية. يهدف مشروعه إلى جذب جميع الأطياف اللبنانية نحو مشروع وطني مشترك، يسعى لتحقيق التنمية والازدهار بعيدا عن الفساد والتدخلات الخارجية. ومن المتوقع أن تحمل الأسابيع القادمة المزيد من التفاصيل حول هذه الرؤية الجديدة وآليات تنفيذها على أرض الواقع.