الضربة الإسرائيلية على إيران، واختبار أنظمة التشويش الأمريكية والروسية، والعروض الأمريكية لوقف إطلاق النار..
قامت اسرائيل بضربة على إيران الليلة الماضية. الأمريكان قالوا إنها كانت ضربة واسعة ومركزة. الايرانيين قالوا إنها ضربة ضعيفة ولا تأُُثير لها. الروس قالوا إن الطائرات الإسرائيلية واكبتها طائرات أميركية من طراز EC-37B Compass Call، التي تعرف بطائر الحرب والمتخصصة بالتشويش الالكتروني خاصة على أنظمة الدفاع الجوي، مما أدى الى عدم اعتراض الصواريخ الاسرائيلية بحسب ما قالت مصادر العدو، ولكن الروسي يؤكد أن إيران استخدمت تكنولوجيا روسية للتشويش على طائرات F35 الاسرائيلية التي ترتبط مباشرة بالأقمار الاصطناعية لتحديد الاهداف، مما جعل الضربات غير دقيقة ولم تصب أهدافها بدقة هي أيضاً.
بالتالي، النقطة الأولى هي اختبار اسلحة التشويش الالكتروني الأميركية والروسية الجديدة، التي تتواجه عمليا في أرض المعركة للمرة الأولى.
النقطة الثانية، هي ما تسرب أن اسرائيل اخبرت إيران بالضربة مسبقاً عبر أطراف ثالثة، والارجح ان ذلك تم من خلال الأمريكان أو الروس أو الاثنين معا.
النقطة الثالثة، أن الضربة تجنبت المصالح الاستراتيجية مثل المحطات النووية أو النفطية، بناء على تمني أميركي.
النقطة الرابعة، أن الاميركيين سارعوا، كما فعلوا في الضربات السابقة، الى إغراء الإيرانيين إبان الضربة، ان لا يردوا، أو أن يؤخروا الرد، وفي هذه الحال، أن يكون الرد شكلياً، لأن الاميركيين يحاولون اقناع نتنياهو بوقف الحرب على لبنان. وإن تم ذلك، لا داعي للرد برأيهم، لأن ذلك يعني نوعاً من الانتصار لحزب الله، كون الاسرائيلي لم يحقق هدف تدمير حزب الله بالكامل، ولا احتلال جنوب الليطاني، ولا تشكيل نظام لبناني جديد بدون حزب الله كما بشرت السفيرة الأميركية، ولا تشكيل شرق اوسط جديد بدون النفوذ الايراني.
في المقابل، الاسرائيلي يعتبر أنه دمر قيادة حزب الله، وقصف بنيته العسكرية وبيئته الحاضنة، وقتل السنوار، وضرب إيران، بالتالي أصبح لديه اسباباُ كافية لوقف إطلاق النار، في لبنان، وربما في غزة ايضا. والاجتماعات قائمة على قدم وساق في الدوحة والقاهرة لبحث وقف إطلاق النار. والاسرائيلي يكون بذلك أوقف النزف الذي يعاني منه جيشه في الحرب البرية في جنوب لبنان، والمعاناة الاقتصادية والامنية نتيجة قصف حزب الله لشمال ووسط فلسطين المحتلة بشكل مستمر ومتصاعد، ويمكنه بالتالي أن يعيد المستوطنين الى شمال فلسطين. وهل شروط اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان يتوافق مع الشروط اللبنانية بانسحاب جيش العدو، وتطبيق 1701 من قبل الطرفين؟ وماذا عن وقف إطلاق النار في غزة أيضاً؟ هل هو ضمن الشروط التي وافقت عليها حماس في السابق، قبل أن يضع نتنياهو شروطاً إضافية؟
تبقى العبرة في جدية الاسرائيلي في وقف إطلاق النار. في المرات السابقة، تم خداع إيران، حيث استغل نتنياهو الوعود الاميركية لها والمرونة الإيرانية التي أبداها رئيس إيران وفريقه “الظريف” في الأمم المتحدة، وقام بتنفيذ الهجمات غير المسبوقة بالبايجر ووسائل الاتصالات، وباغتيال السيد. مما أبهر الغرب، الذي برر له هذه الضربات وعدم وقف إطلاق النار. فهل أصبح نتنياهو اليوم، بعد صمود المقاومة في الجنوب واستعادة توازنها بعد الضربات الموجعة، جاهزاً لوقف إطلاق النار، وتقديم ذلك كهدية للديمقراطيين في الانتخابات الرئاسية الأميركية القادمة بعد عشرة أيام؟ أم أنه سيراوغ مرة أخرى ويشتري الوقت ويضع إيران في موقف محرج مجدداً، من خلال تأخير ضربتها بحجة افساح المجال للتفاوض على وقف النار، فيما يستمر هو بحروب الابادة الى ما بعد الانتخابات الرئاسية الامريكية؟
وقد ترافق كل ذلك مع تسريبات اسرائيلية من يومين، وقبل الضربة على إيران، بأن الحملة على لبنان ستتوقف خلال اسبوع. كما ترافق مع تصريحات اميركية إبان الضربة، أن وقف إطلاق النار في لبنان سيتحقق خلال ساعات أو أيام قليلة.
كنا قد قلنا في مقال سابق، أن نتنياهو، إذا شعر في اللحظات الاخيرة قبل الانتخابات الاميركية أن ترامب لن ينجح، فإنه يمكن أن يقوم باتفاق مع الديمقراطيين على وقف إطلاق النار، ويكون بذلك قد أمّن علاقة جيدة معهم بعد فوزهم. والا فهو سيبقى يراوغ حتى ما بعد الانتخابات. فهل وصل الى هذه القناعة، مع أن الاحصاءات الاميركية تشير الى تقارب أو حتى تعادل حتى الان بين ترامب وهاريس؟
وهل الايراني، بحجة أن الضربة كانت خفيفة، سيعطي الاميركي مرة جديدة فرصة للمفاوضات، ويؤجل أو يلغي الرد على الضربة الاسرائيلية، برغم خداعه في السابق، والخسارة الفادحة التي تكبدها باغتيال السيد؟