رحلة عبر الزمن، تجربة يمكن أن تعيشها بالفعل في جنوب سوريا، وتحديداً في السويداء الشهيرة بحجارتها السوداء التي لا تشبه سواها في مكان آخر.
التجربة انطلقت من أمام معبد روماني قديم فقد الكثير من أجزائه، ولكنه بقي محافظاً على واجهته السوداء اللون، وأعمدته الكثيرة بزخارفها الرومانية أيضاً، هذا المعبد هو جزء من سلسلة آثار بقيت إلى اليوم في مدينة «قنوات»، أو «كاناثا»، كما عُرفت في الماضي، باللغة الآرامية.
حالة من الصدمة تقدمها «قنوات» لزائرها، فالآثار منتشرة في كل مكان متداخلة مع الطبيعة القاسية للمنطقة الشهيرة بانخفاض درجات حرارتها بشكل قاسٍ في الشتاء، ومتعانقة مع غطاء نباتي من أشجار البطم والتفاح والعنب. ولأن زيارتنا كانت في الشتاء، فكان من الضروري التسلح بأحذية سميكة ومعطف سميك أيضاً لتجنّب البرودة القاسية في المكان، كما كان من الطبيعي أن يقتصر التواجد على أفراد من سكان المنطقة، خاصة وأن الغرباء باتوا يتجنّبون هذه المحافظة بشكل عام مع ازدياد حوادث الخطف، وهو السبب الذي دفعنا لزيارتها برفقة أفراد من المنطقة يملكون خبرة في الطرقات ووسائل النقل الآمنة.
أخبرنا مرافقنا – وهو مختص بآثار منطقته – بأن هذا المكان يرجع للعصور الحجرية الوسيطة والحديثة، وأن الإنسان القديم سكنها وأقام فيها، واستقرَّت فيها موجات من الهجرة قادمة من شبه الجزيرة العربية، ومن أكاد، آمور، كنعان، آرامية، آشور، بدءاً من الألف الثالث قبل الميلاد، ولم تسلم من الغزو، إذ دخلها الغزو السلوقي والبلطمي ثم الروماني والبيزنطي، وانتهى التواجد البيزنطي مع الفتوحات العربية الإسلامية عام 635 ميلادياً.
التواجد الإسلامي والعربي الطويل في السويداء وتعريبها لم يفقداها تاريخها البيزنطي والروماني، فالآثار ما زالت موجودة وكأن سنوات قليلة مرت على مغادرة هؤلاء وليس قرون عديدة،
رحلة عبر الزمن، تجربة يمكن أن تعيشها بالفعل في جنوب سوريا، وتحديداً في السويداء الشهيرة بحجارتها السوداء التي لا تشبه سواها في مكان آخر.
التجربة انطلقت من أمام معبد روماني قديم فقد الكثير من أجزائه، ولكنه بقي محافظاً على واجهته السوداء اللون، وأعمدته الكثيرة بزخارفها الرومانية أيضاً، هذا المعبد هو جزء من سلسلة آثار بقيت إلى اليوم في مدينة «قنوات»، أو «كاناثا»، كما عُرفت في الماضي، باللغة الآرامية.
حالة من الصدمة تقدمها «قنوات» لزائرها، فالآثار منتشرة في كل مكان متداخلة مع الطبيعة القاسية للمنطقة الشهيرة بانخفاض درجات حرارتها بشكل قاسٍ في الشتاء، ومتعانقة مع غطاء نباتي من أشجار البطم والتفاح والعنب. ولأن زيارتنا كانت في الشتاء، فكان من الضروري التسلح بأحذية سميكة ومعطف سميك أيضاً لتجنّب البرودة القاسية في المكان، كما كان من الطبيعي أن يقتصر التواجد على أفراد من سكان المنطقة، خاصة وأن الغرباء باتوا يتجنّبون هذه المحافظة بشكل عام مع ازدياد حوادث الخطف، وهو السبب الذي دفعنا لزيارتها برفقة أفراد من المنطقة يملكون خبرة في الطرقات ووسائل النقل الآمنة.
أخبرنا مرافقنا – وهو مختص بآثار منطقته – بأن هذا المكان يرجع للعصور الحجرية الوسيطة والحديثة، وأن الإنسان القديم سكنها وأقام فيها، واستقرَّت فيها موجات من الهجرة قادمة من شبه الجزيرة العربية، ومن أكاد، آمور، كنعان، آرامية، آشور، بدءاً من الألف الثالث قبل الميلاد، ولم تسلم من الغزو، إذ دخلها الغزو السلوقي والبلطمي ثم الروماني والبيزنطي، وانتهى التواجد البيزنطي مع الفتوحات العربية الإسلامية عام 635 ميلادياً.
التواجد الإسلامي والعربي الطويل في السويداء وتعريبها لم يفقداها تاريخها البيزنطي والروماني، فالآثار ما زالت موجودة وكأن سنوات قليلة مرت على مغادرة هؤلاء وليس قرون عديدة، فمعبد هليوس المخصص لعبادة إله الشمس والمبني في القرن الثاني الميلادي، ما زال موجوداً حتى اليوم، ومع أنه فقد كثيراً من الأعمدة، وتغيرت بعض ملامحه، كما تغير الإله الذي يُعبد فيه، لكنه بقي صامداً لليوم. ومن المعابد في المنطقة معبد زوس «إله السموات»، ومعبد أثينا اللات وهي «إلهة الحكمة»، ومعبد «إلهة المياه»، وكان داخله مملوءاً بالمياه لأشهر عدّة كي يستمرّ تقديس «إلهة المياه»، أما خامس المعابد فهو معبد «الأوديون»، وهو عبارة عن مسرح صغير الحجم بقي منه اليوم تسع درجات، بعضها محفور في الصخر.
حضور قوي
«قنوات» التي استقبلت الكثير من الوافدين والغزاة عبر تاريخها، استقبلت أيضاً ديانات ورسالات عديدة، ورغم أن غالبية السكان فيها اليوم -وفي السويداء عامة- هم أبناء الطائفة الدرزية، لكنّ ثمة حضوراً قوياً للمسيحية، وهو حضور ضارب في التاريخ، إذ شغلت في العصر البيزنطي مركزاً أسقفياً ارتبط بأنطاكية، وشكّلت مركزاً مهماً للحجّ المسيحي إلى جانب مدينة السويداء، ولهذا نجد الكثير من الكنائس، ولعل أبرزها، الكنائس البازلتية وهي معلم مهم في المنطقة، وتقع ضمن مجموعة الكنائس المعروفة باسم «السراي»، وكان الدخول إليها يتم من الجهة الغربية عن طريق مدخل كبير له ثلاثة أبواب.
عرفنا مرافقنا على هذا التجمع، واصطحبنا أولاً إلى الكنيسة الكبرى، المطلة بواجهتها على الشارع المحوري مباشرة، وتمتد أجزاؤها تحت المنازل الواقعة إلى الشرق، ويرجع تاريخ بنائها إلى القرن السادس الميلادي، ولا تزال في أرضية مدخلها فسيفساء ملوّنة ذات نقوش هندسية مسجلة بقسميها الشرقي والغربي، أما قسمها الغربي فهو مختفٍ تحت المنازل، ويظهر على الشارع المحوري، وعلى أحد جدران مدخلها كتابة يونانية تفيد بأن «سالومي»، والدة الأسقف «جورج» قد تبرّعت ببناء هذه الكنيسة.