بعد أربعة أشهر على وصولها إلى لبنان، لا تزال الباصات الفرنسية خارج العمل. السبب هو الروتين الإداري والإقفال في القطاع العام الذي أخّر تسجيلها حتى الساعة. لكن حلحلة ما قد تظهر الأسبوع المقبل ستسرّع بتسيير الباصات على طرقات بيروت الكبرى ضمن تعرفة لن تتجاوز في أي حال من الأحوال نصف قيمة بدل النقل المحدّد رسمياً بنحو 95 ألف ليرة يومياً.
في 23 أيار الماضي، تسلّم لبنان 50 باصاً هي عبارة عن هبة فرنسية للبنان، وكان ينتظر أن تشكّل هذه الباصات، إلى جانب 45 باصاً جرى إعادة تأهيلها في مصلحة النقل المشترك والسكك الحديد، خطوة لإعادة تفعيل النقل العام المشترك في ظل أزمة أدّت إلى تآكل الأجور وارتفاع أكلاف التنقل من مكان السكن إلى مركز العمل. لكن الخطوة تأخّرت، ما أثار الشكوك بقدرة وزارة الأشغال، ولا سيما أنه لم يتشجّع أحد للمشاركة في مناقصة تلزيم تشغيل الباصات.
هذا ما دفع وزير الأشغال علي حمية إلى عقد مؤتمر صحافي في مصلحة النقل المشترك، ووراءه الباصات – الهبة، مشيراً إلى أنه خلال أسبوع من وصول الباصات إلى لبنان، فوجئت وزارة الأشغال بعد إرسالها كتباً رسمية إلى الإدارات المعنية كإدارة السير والجمارك وغيرهما، بأن بعض الإدارات تريد تفسيراً قانونياً حول الجهة التي قدّمت إليها الباصات ومن تسلّم الهبة: وزارة الأشغال أم مصلحة السكك الحديد والنقل؟ وهل هي تخضع لضريبة «TVA» ورسوم الجمارك أم لا
استمرّ هذا الجدل أربعة أشهر مترافقاً مع إضراب القطاع العام لحوالي شهرين، إلى أن حُسم الأمر قبل يومين لتسجيل الباصات وإعفائها من الضريبة. لكن ليست هذه المشكلة الوحيدة التي تمنع تسيير الباصات. فالخطوات التالية ليست سهلة أيضاً. فالوزارة سبق أن أطلقت في آب الماضي مناقصة لتلزيم شركة خاصة لتأمين سائقين يشغّلون الباصات، إلا أنه لم يتقدم أي شركة إلى المناقصة، لذا ستعاد الأسبوع المقبل، علماً بأنه في الوقت الحالي سيتولى مهمة قيادة الباصات سائقو مصلحة السكك الحديد رغم تدنّي رواتبهم التي تتراوح بين 800 ألف ليرة ومليوني ليرة.
أيضاً هناك مشكلة خطوط السير والتعرفة وكلفة التشغيل والصيانة. بحسب الوزير علي حمية، فإنه سيتم تسيير الباصات ضمن بيروت الكبرى على الخطوط الأكثر اكتظاظاً وفيها نسبة ركاب عالية. أما تعرفة استعمال النقل المشترك، فستحددها الوزارة، على أن تعادل نصف قيمة بدل النقل الرسمي المحدّد اليوم بـ 95 ألف ليرة عن كل يوم عمل. «الهدف تمكين الانتقال من العمل وإليه ضمن سقف لا يتعدى ما يتقاضاه من بدل نقل» يقول حمية. أما بالنسبة إلى مشكلة شراء المازوت اللازم لتشغيل الباصات، فإن حمية سيطلب من وزارة المال توفير اعتمادات لهذا الأمر، رغم علمه بأن استمرار ارتفاع أسعار المحروقات ربما يؤدي إلى فرملة وضع الباصات في السير. كذلك، يجب تصحيح أجور سائقي مصلحة النقل المشترك والسكك الحديد، وحميّة سيطلب «تحسين أوضاعهم وإعطاءهم ما أُعطي لموظفي القطاع العام من مساعدة اجتماعية وتعويض إنتاجية».