النظرة إلى خليج جونية من بعيد، كفيلة وحدَها ببعث الراحة في نفس كل من يتأمّل في جمال هذه المدينة وسحرها. لكنّ تقريب الصورة، والغوص في حياة المدينة وأحيائها، وخاصة في ساعات الليل المتأخرة، يكشفان عن وجه آخر يثير القلق، وينغّص حياة سكانها، حيث تسود وبشكل متزايد وبعيداً عن أي ضوابط، مظاهر تفلّت أمني وأخلاقي، يعزّزه الصدام الحاصل مع فصيلة الدرك المتّهمة من قبل البلدية بالتقاعس عن أداء مَهامها…إلى درجة «التواطؤ».
الذاتي في أحيائهم، لكننا تصدّينا لهذه الممارسات ودعونا من يرغب في حفظ الأمن إلى الالتحاق بشرطة البلدية. كلنا منعرف كيف ببلش الأمن الذاتي وكيف ينتهي؟».
لكن، تتبّع الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تُعنى بنقل أخبار مدينة جونية، ومنها الصفحة الرسمية للبلدية، تبيّن ومن خلال التعليقات عن مدى تزايد المطالبات باللجوء إلى الأمن الذاتي لضبط التفلت الحاصل في المدينة. وتشير سيدة تقطن على مقربة من شارع المعاملتين إلى «تحوّل حياتنا إلى جحيم. صحيح أن الممارسات التي تحصل في الشارع ليست جديدة، لكنّ الفوضى الحاصلة أخيراً لا توصف. بائعات الهوى من مختلف الجنسيات يملأن الشارع في الليل، وبات يتعذّر علينا كسكان أن نمشي في الشارع ليلاً من دون التعرّض لتحرّشات ومضايقات. الدولة غائبة عن السمع».
يكشف حبيش أن «الوضع كان مضبوطاً منذ 5 سنوات، لكن منذ حوالى الشهرين بدأت الأمور تخرج عن السيطرة. الدعارة منظّمة ومحمية، والشباب الذين يتولون الأمور على الطرقات آخدين نفس ومكترين! ». وعن الحلول المتوفرة يشير إلى «أننا نطلب من القوى الأمنية القيام بدورها، وإلا لدينا طرق للتصرّف. وعليهم ألا يتحجّجوا بأنهم غير قادرين على التحرّك بسبب الظروف الاقتصادية، فحين يريدون يتحرّكون، لكن فقط على الأوادم».
بين البلدية والدرك
هاجم رئيس بلدية جونية، جوان حبيش، أول من أمس، فصيلة درك جونية متهماً إياها في بيان بـأنها «ناشطة في تكريم المجرمين والجانحين في مكاتبها، ومبدعة في حماية مخالفات البناء للمحظيين… ». وعدّد حبيش في بيانه مآخذ عدة على أداء الفصيلة التي «نُعلم(ها) عن توقيف سارقين أو بائعي مخدّرات بالجرم المشهود فترفض تسلّمهم، ونخبر(ها) عن ضبط عاهرات ومُسهّلي دعارة فترفض توقيفهم. نسوق إلى الفصيلة مُشغّلي قاصرين عنوةً بالتّسول أو بالسرقة فترفض تسلّمهم. نطلب مؤازرة الفصيلة في مهمة ما، حفاظاً على السلامة العامة أو على راحة المواطنين، لا يحضر أحد».
من جهتها تؤكد مصادر أمنية أن «الملف قيد المتابعة للتحقق من كل المعطيات». وتعتبر أنه «وفي حال ثبتت ادعاءات حبيش فإن اكتظاظ السجون وإضراب القضاة أثّرا بشكل كبير على قدرة المخافر على تسلّم بعض الحالات. وفيما يختص ببائعات الهوى اللواتي أوقفتهن شرطة البلدية فالمسألة من صلاحية مكتب حماية الآداب، ورغم هذا فإن الفصيلة أجرت اتصالات مع الجهات القضائية المعنية للبحث في إمكانية تسلمهنّ، وأين يمكن وضعهن، لكنّ البلدية عادت وأطلقت سراحهن. لا يمكن للبلدية القيام بتوقيفات من دون التنسيق مع الفصيلة إلا في حالات محدّدة حين يكون الجرم مشهوداً أو في حالة طارئة جداً، لذلك ندعو لأفضل العلاقات والتعاون الدائم مع البلديات».
اللافت أن المصادر الأمنية توضح أنها «تولي كلّ الملفات الأهمية اللازمة، لكنّ الظروف التي نعيشها حتّمت علينا إيلاء بعض الملفات وخاصة الجرائم والسرقات الأولوية، علماً أن ملف بائعات الهوى لا يمكن معالجته أمنياً فقط، والفتيات هنّ في الأساس ضحايا».