ما لم يحدث اي طارىء، يغادر المدير العام للأمن العام اللواء #عباس إبراهيم يوم الجمعة المقبل منصبه لبلوغه السن القانونية. وكل الكلام عن إمكان التمديد له تلاشى. وفي عطلة نهاية الأسبوع الماضي، كرّر رئيس حكومة تصريف الأعمال #نجيب ميقاتي أمام زواره أن كل الجهود التي بذلها للحصول على استشارة قضائية تتيح للحكومة إصدار قرار يمدد ولاية اللواء إبراهيم لم تؤدّ الى نتيجة.
أعلن الرئيس ميقاتي في آخر إطلالة تلفزيونية أن لا أحد “يمكنه أن يزايد في محبته” للمدير العام للأمن العام الذي شارفت ولايته على نهايتها، لأنه، أي ميقاتي، هو من عيّنه في هذا المنصب قبل 12 عاماً، وتحديداً في عام 2011 عندما ترأس الحكومة التي أتت بعد الانقلاب على حكومة الرئيس سعد الحريري الأولى. وقال إنه ما كان ليتأخر في تمديد ولاية إبراهيم لو كانت هناك فتوى قضائية يُعتّد بها.
ما دام الباب القضائي مسدوداً، وهو لم يسدّ فجأة، فلماذا بقي موضوع تمديد ولاية المدير العام للأمن العام مطروحاً، وخصوصاً من جهة “حزب الله” الذي لم يوضح الأسباب التي دعته الى المثابرة في طرح التمديد لإبراهيم منذ أشهر؟
هل من أسباب يمكن الحديث عنها حول عدم تمسك الثنائي الشيعي ببقاء هذا المدير في منصبه، وهو ليس الأول من نوعه الذي يحظى بالتمديد في الوظيفة العامة؟
عند الحديث عن سجل أعمال المدير العام للأمن العام، يتبيّن أنه حافل بالأدوار الخارجية التي قادته مراراً الى باريس وواشنطن ودمشق وبغداد وغيرها من العواصم المهمة. وقبل أسبوعين، اختتم اللواء إبراهيم هذا السجل بزيارة دمشق حيث “التقى عدداً من المسؤولين”، وفق المعلومات الرسمية، علماً بأن من أدوار إبراهيم البارزة خلال زياراته المتكررة لواشنطن ودمشق العمل على إطلاق سراح الرهائن الأميركيين، بمن فيهم الصحافي المستقل والجندي السابق في مشاة البحرية أوستن تايس الذي اختفى في سوريا خلال تغطيته الصحافية عام 2012.
ماذا في سجلّ المدير العام إبراهيم أيضاً؟ في عام 1989، أصبح إبراهيم الحارس الشخصي لمبعوث جامعة الدول العربية إلى لبنان الأخضر الإبراهيمي، الذي كان عرّاب اتفاق الطائف. ثمّ عُيّن الضابط في الجيش اللبناني حارساً شخصياً للرئيس الياس الهراوي، أول رئيس جمهورية عملياً بعد الطائف إثر اغتيال الرئيس رينه معوّض بعد أسابيع من انتخابه. وبقي إبراهيم في منصب الحماية للرئيس الهراوي حتى عام 1992 عندما كُلف بحماية رئيس الوزراء المعيّن حديثاً #رفيق الحريري. لكن مهمة إبراهيم في حماية الحريري استمرت فقط حتى عام 1993 فقط، والسبب يعود الى هذه القصة التي رواها لـ”النهار” وزير بارز في تلك المرحلة. يقول الأخير: “عندما كنت وزيراً، كان تصلني من مسؤولين أمنيين بارزين معلومات عن الضابط عباس إبراهيم الذي كان في بداية مشواره العسكري. وفي بداية عمله، جرى فرزه لمواكبة رفيق الحريري وكان مركزه أمام مدخل دارة قريطم. وكانت السيدة نازك الحريري تحرص على تخصيصه بكل ما يوفّر له الراحة في عمله. وعندما حصل حادث سير لموكب الرئيس الحريري في ضهر البيدر والإصابة التي أقعدت إبراهيم 3 أشهر، أحاط الحريري إبراهيم بكل عناية”.
يتابع: “فجأة قدّم إبراهيم استقالته من الخدمة في مركز المرافقة للحريري. وكشف المسؤولون الأمنيون البارزون أن إبراهيم رفض طلب تركيب أجهزة مراقبة للحريري بما يشبه التجسّس على رئيس الحكومة، فقُبلت استقالته”.
ويخلص الوزير البارز السابق الى القول: “إن اللواء إبراهيم الذي وصل الى ما وصل إليه، لم تقترن مسيرته بأيّ شائبة ذات صلة به شخصياً. وستوضح المرحلة المقبلة الأدوار التي أداها المدير العام للأمن العام والتي قد تكون هي وراء قرار الثنائي الشيعي عدم التمسّك به”.
إنها قصّة جديرة بالاهتمام.